إن الله سبحانه وتعالى خلق من جميع مخلوقاته زوجين ذكرًا وأنثى، ولقد خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم عليه السلام من طين، ثم خلق بعده زوجته حواء، ومن هنا بدأت الحياة البشرية، وأصبح التناسل والتكاثر أساس الحفاظ على النسل البشري، فالنكاح مشروع منذ زمن سيدنا آدم عليه السلام وزوجته حواء، ولكن اختلفت تفاصيل النكاح من زمن إلى آخر، وذلك بسبب اختلاف طبيعة كل زمن، فلكل زمن اعتبارات خاصة به.


معنى النكاح

لغةً

النكاح في اللغة مصدر للفعل نَكَحَ، ونقول تناكح القومُ أي تزوّج بعضُهم من بعض.[١]


اصطلاحًا

هو عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعًا، والهدف من هذا العقد هو التناسل والتكاثر من أجل تكوين أسرة، وهذا كله من أجل الحفاظ على مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وهو حفظ النسل.[٢]


أركان النكاح

لعقد النكاح ثلاثة أركان، وفيما يأتي توضيح لها:[٣]

  1. عدم وجود أي مانع في أحد الزوجين يخل عقد النكاح، مثل أن يكونا أخوين في الرضاعة، أو يكون الزوج غير مسلم فلا يجوز زواج المسلمة من غير المسلم، ولكن يجوز أن يتزوج المسلم من غير المسلمة بشرط أن تكون طاهرة وعفيفة.
  2. صدور الإيجاب من ولي أمر الزوجة، وهو الأب أو من ينوب عنه، إذ يقول ولي الأمر زوجتك ابنتي أو ما يؤدي المعنى.
  3. صدور القبول، ويكون من الزوج، وذلك بالتلفظ بلفظ دال على القبول مثل أن يقول وأنا قبلت أو ما يدل على ذلك.


شروط عقد النكاح

يشترط لصحة عقد النكاح خمسة شروط، وفيما يأتي توضيح لها:[٤]

1. تعيين الزوجين: فلا يصح أن يقول الولي زوجتك ابنتي وله بنات غيرها، إذ لا بد من تمييز كل من الزوج والزوجة باسمه أو صفته التي لا يشاركه فيها غيره.

2. رضا الزوجين: وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تُنْكَحُ الأيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ. قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وكيفَ إذْنُها؟ قالَ: أنْ تَسْكُتَ".[٥]

3. وجود الولي: إذ يشترط لعقد الزواج وجود ولي للمرأة، فقد خاطب الله الأولياء في نكاح المرأة، وذلك في قوله: "وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ"،[٦] ويظهرذلك في الفعل تُنكِحوا الذي يخاطب من يزوّج المرأة.

4. الشهادة على عقد النكاح: وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نِكاحَ إلَّا بوليٍّ وفي حديثِ عائشةَ والسُّلطانُ وليُّ من لا وليَّ لَهُ".[٧]

5. خلو الزوجين من موانع الزواج: فلا يكون بالزوجين أو أحدهما مانع من موانع الزواج لأي سبب من الأسباب؛ كالنسب أو الرضاع أو المصاهرة، كما أن اختلاف الدين يعد سببًا يمنع الزواج، كما لو كان الزوج مسلمًا والزوجة وثنية، أو كانت الزوجة مسلمة والزوج غير مسلم، أو كانت الزوجة في العدة، أو كان أحد الزوجين محرمًا، ولكننا نستثني من موانع الزواج في الاختلاف بالدين أن يكون الزوج مسلمًا والزوجة كتابية بشرط أن تكون عفيفة، فقد أجاز الشرع للمسلم الزواج من الكتابية العفيفة ولكن الأفضل له الزواج بمسلمة.


شروط الولي في عقد النكاح

تشترط في الولي في عقد النكاح عدة شروط، وهي كالآتي:[٨]

  1. أن يكون ولي أمر الزوجة بالغًا، عاقلًا، راشدًا، حرًّا، قادرًا على اتخاذ قرار في مصلحة المرأة التي سيأذن لها بالزواج.
  2. أن يكون ولي الأمر مسلمًا، فلا يصح أن يكون ولي الأمر كافرًا، إذ لا يمكن لكافر أن يكون وليًّا على مسلم أو مسلمة، وكذلك لا يصح أن يكون المسلم وليًّا على كافر أو كافرة، بينما المرتد عن الإسلام فليس له ولاية على أي أحد.
  3. أن يكون ولي الأمر رجلًا؛ كالأب أو الأخ، فلا يجوز أن يكون ولي الأمر الأم أو الأخت، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا".[٩]


أحكام النكاح

لعقد النكاح أحكام، وفيما يأتي بيان لها:[١٠]

  1. سنة: ويكون النكاح سنة إذا كانت للإنسان شهوة ولكنه لا يخاف أن يقع في الزنا، فالنكاح في هذه الحالة يحقق مصالح للذكر والأنثى وللأمة جميعها.
  2. واجب: ويكون النكاح واجبًا إذا خاف الإنسان أن يقع في الزنا إذا لم يتزوج، إذ تكون نية الزوجين من الزواج إعفاف النفس وتحصينها من الوقوع في معصية الله تعالى.
  3. مباح: ويكون النكاح مباحًا لمن ليست لديه شهوة، ولكنه غني وقادر على الزواج، ويكون هذا من أجل مصلحة الزوجة.
  4. مكروه: ويكون النكاح مكروهًا لمن ليست لديه شهوة ولكنه فقير، وهذا بسبب عدم حاجته للزواج.
  5. محرم: ويكون النكاح محرمًا لمن هو متزوج ويريد أن يتزوج بأخرى ولكنه يخاف ألا يعدل بين الزوجتين.


الحكمة من مشروعية النكاح

تتلخص الحكمة من مشروعية النكاح بما يلي:[١١]

  1. يعد النكاح هو الأساس لتكوين البيئة الأسرية الصالحة، وبالنكاح يحفظ الإنسان نفسه من الوقوع في المحرمات، ومن خلال هذا النكاح يشعر الزوجان بالاستقرار والطمأنينة والسكينة.
  2. يحافظ النكاح على الأنساب، وهو الوسيلة الوحيدة المشروعة لحفظ النسل البشري والإنجاب.
  3. يعد النكاح وسيلة لإشباع الفطرة الجنسية التي فطر الله سبحانه وتعالى الإنسان عليها.
  4. يشتمل النكاح على إشباع فطرة الأمومة لدى المرأة، وفطرة الأبوة لدى الرجل.


المراجع

  1. "تعريف و معنى نكاح في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني.
  2. "تعريف النكاح لغة وشرعًا"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  3. "ملخّص مهم في أركان النّكاح وشروطه وشروط الوليّ"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.
  4. "خمسة شروط لصحة النكاح"، إسلام ويب. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5136، صحيح.
  6. سورة البقرة، آية:221
  7. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن عباس وعائشة، الصفحة أو الرقم:1537، صحيح.
  8. "ما هي أركان عقد النكاح ؟ وما شروطه ؟ ."، الإسلام سؤال وجواب.
  9. رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3072، إسناده حسن.
  10. الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة/1- كتاب النكاح:/i725&d1035927&c&p1 "حكم النكاح"، نداء الإيمان.
  11. الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة/1- كتاب النكاح:/i725&d1035927&c&p1 "حكمة مشروعية الزواج"، نداء الإيمان.