ترتيب وليّ المرأة في الزواج
اتفق الفقهاء على أنّ وجود الوليّ شرط لصحّة الزواج؛ إمّا بالنفس أو بالغير، ومتى ما وُجدت الولاية صحّ عقد النكاح ونفذ، وإن فُقدت بطل العقد عند جمهور الفقهاء، وعند الحنفيّة كان العقد موقوفاً؛ ولقد تعددت الأقوال في ترتيب وليّ المرأة في الزواج؛[١] ويمكن بيانها على النحو الآتي:
مذهب الحنفيّة
ذهب الحنفيّة إلى أنّ الولاية هي ولاية الإجبار فقط، وتثبت للأقارب العصبات، الأقرب فالأقرب؛ فتكون للبنوة، ثم للأبوة، ثم للأخوة، ثم للعمومة، ثم للمعتق، ثم للإمام أو الحاكم؛ وبناءً عليه يمكن ترتيب الولاية عند الحنفيّة بالآتي:[٢]
- الابن، وابنه؛ وإن نزل.
- الأب والجدّ (الصحيح) وإن علا.
- الأخ الشقيق، والأخ لأب، وأبناؤهما؛ وإن نزلوا.
- العم الشقيق، والعم لأب، وأبناؤهما؛ وإن نزلوا.
- المعتق.
- السلطان أو نائبه؛ لأنّه نائب عن جماعة المسلمين.
- بعد ذلك إن لم تتواجد ولاية العصبة؛ تكون الولاية للأم، ثم أم الأب، ثم أم الأم، فإن لم يوجد أحد من الأصول انتقلت الولاية للفروع.
مذهب المالكيّة
ذهب المالكيّة إلى أن الولاية تنقسم إلى ولاية إجبار، وولاية اختيار؛ وولاية الإجبار تثبت لأحد ثلاثة: السيد المالك ولو كانت أنثى؛ وهو مقدّم على الأب، ثم الأب، ثم وصيّ الأب؛ بشرط أن يعيّنه الأب، وأن يكون المهر كمهر المثل، وأن لا يكون الزوج فاسقاً. أمّا ولاية الاختيار فتثبت للبنوة، ثم للأبوة المباشرة، ثم للأخوة، ثم للجدودة، ثم للعمومة؛ وتكون ولاية الاختيار بالترتيب الآتي:[٣]
- الابن، ثم ابنه، وإن نزل.
- الأب.
- الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ لأب.
- الجد (والد الأب).
- العم ثم ابن العم.
- أب الجد، ثم العم لأب فابنه، ثم عم الجد فابنه.
- المولى الأعلى؛ الذي أعتق المرأة، ثم عصبته.
- كافل المرأة من غير العصبات؛ الذي رعى المرأة وهي صغيرة.
- الحاكم أو القاضي الشرعي.
- أيّ مسلم بالولاية العامة إن لم يوجَد أحد من الأولياء السابقين؛ منهم: الخال، الجدة من جهة الأم، والخال لأم.
مذهب الشافعيّة
خالف الشافعيّة الجمهور بعدم اعتبار الابن وليّاً؛ بينما وافقوا المالكيّة في تقسيم الوليّ والولايّة؛ فالوليّ المجبر أحد ثلاثة: الأب، والجد وإن علا، والسّيد، أمّا الوليّ غير المجبر؛ فهو: الأب، والجد، وباقي العصبات، وبناءً عليه تكون الولاية على الترتيب الآتي:[٤]
- الأبوة؛ أيّ الأب، ثم الجد أبو الأب، ثم أبوه وإن علا.
- الأخوة؛ بالأخ الشقيق ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب وإن نزل.
- العمومة؛ بالعم، ثم سائر القرابة كالإرث.
- المعتق، ثم عصبته.
- السلطان.
مذهب الحنابلة
بيّن الحنابلة أنّ الولاية تكون أولاً للأبوة، ثم للبنوة، ثم للأخوة، ثم للعمومة، ثم للمعتق، ثم للسلطان؛ وترتيب ذلك على النحو الآتي:[٥]
- الأب، ثمّ وصيّه.
- الجد أبو الأب، وإن علا.
- الابن وابنه، وإن نزل.
- الأخ الشقيق.
- الأخ لأب.
- أولاد الإخوة وإن نزلوا.
- العمومة ثم أبناؤهم وإن نزلوا، ثم عمومة الأب.
- المعتق، ثم عصبته.
- السلطان.
اشتراط الوليّ في الزواج
ذهب أكثر الفقهاء إلى أنّ المرأة لا تزوّج نفسها ولا غيرها؛ وأن الزواج لا ينعقد بعبارتها، بل يُشترط وجود الوليّ لصحّة العقد؛ وقد استدلّ هؤلاء الفقهاء بالعديد من الأدلة، نذكر منها:[٦]
- قوله -تعالى-: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ...).[٧]
- قوله -تعالى-: (... وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا...)؛[٨] ووجه الدلالة في الآيتين الكريمتين: أنّ الله -تعالى- خاطب الرجال في أمر نكاح النساء، ولم يُخاطب النساء مباشرةً.
- ما صحّ في الحديث الشريف: (لا نِكاحَ إلَّا بوليٍّ).[٩]
- ما صحّ عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- انّها قالت: (أيُّما امرأةٍ نكحت نفسها بغيرِ إذنِ وليِّها فنكاحها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ، فإن دخل بها فلها المهرُ بما استحَلَّ من فَرْجِهَا، وإن اشتجروا فالسلطانُ وَلِيُّ من لا وَلِيَّ لهُ).[١٠]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6690، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6703-6705، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6706-6709، جزء 9. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 62-63، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم اللاحم، المطلع على دقائق زاد المستقنع فقه الأسرة، صفحة 182-183، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سيد سابق، فقه السنة، صفحة 125-126، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية:32
- ↑ سورة البقرة، آية:221
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1537، صححه الألباني.
- ↑ رواه ابن الملقن، في البدر المنير، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم:553، صحيح.