بر الوالدين هو من أعظم وأوجب وأحسن الطاعات التي يتقرب العبد إلى الله بها، فطاعة الوالدين تجلب التيسير والرضى والتوفيق في الحياة الدنيا وفي الآخرة، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚإِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" [١]، وإن الإحسان إلى الوالدين يكون بالتوسّع بعمل ما يحبان ويرضيان من أعمال وخدمات واستجلابٍ للخير ولين معاملة معهما، وإن لطاعة الوالدين أنواعًا سنعرض أهمها في هذا المقال.


إن أشكال طاعة الوالدين وأنواعها كثيرة لا يمكن حصرها، وهي اليوم وفي وقتنا الحاضر أكثر منها في الزمن الماضي مع كثرة مواقع التواصل وتتطور التكنولوجيا وسعة الحياة مقارنة بالماضي، وفيما يأتي عرض لأشهر تلك الطاعات وأهمها:


1. الدعاء لهما بالخير

وإن الدعاء أوجب وأفضل وأحسن شيء يمكن برههما به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له" [٢]، ويجب أن يتحرى المسلم أوقات الإجابة عند الدعاء لهما؛ إذ يدعو لهما في صلاته وقيامه، وتوجد أمثلة عديدة على الدعاء لهما منها ما يأتي: [٣]

  • الدعاء لهما بالصحة والعافية النفسية والجسدية.
  • الدعاء لهما بالتيسير والتوفيق.
  • الدعاء لهما بالرزق الجميل والواسع.
  • الدعاء لهما بالإعانة على تربية ذريتهما.
  • الدعاء لهما بأن يؤلف الله بين قلبيهما إذا كانا متشاحنين.

الدعاء لهما بأن يجازيهما الله إحسانًا بإحسانهما، وقد ظهر ذلك في قوله تعالى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". [٤][٥]


2. الصدقة عنهما في الحياة وبعد الممات

فلا تقتصر الصدقة على الممات فقط، وإنما تكون بحياتهما أيضًا، كإشراكهما في بناء مسجد أو حفر الآبار، أو إطعام الفقراء والمحتاجين وكسوتهم، ويمكن إشراكهما في هذه الصدقة أو تخصيصها لهما دون أن يشاركهما أحد بها، كحفر بئر ماء باسميهما، ومن الجدير بالذكر أن الصدقة هي من أعظم أنواع البر بعد مماتهما، ويظهر ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم المبين أعلاه والذي يركز على عدم انقطاع العمل بعد الموت في حال وجود صدقة جارية عن الميت. [٦]


3. حسن ضيافتهما

يجب على المرء أن يكرم أبويه وهو في كنفهما، فيخرجهما في نزهة أو إلى مطعم ويكرمهما بما يحبان، وفيما يأتي عرض لبعض صور وأشكال حسن الضيافة: [٧]

  • تقبيل رأسهما وأيديهما: فهذا يورث الحب والترابط، ويهد تعبيرًا عن جميلهما وتربيتهما ورعايتهما في الصغر والكبر.
  • حسن التعامل مع أصدقائهما: إذ يدخل في حسن ضيافتهما، حسن ضيافة صديقهما ووصله في الحياة والممات.
  • الإحسان إلى أقاربهما بعد موتهما: فقد كان السلف الصالح يعمل بهذه الوصية الثمينة لما لها من أجر للولد وأجر للوالدين بعد مماتهما.




وهكذا نعلم أن لبر الوالدين وطاعتهما الأثر الكبير والنفع الكثير والتيسير للأمور في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وندرك أن برهما يؤدي بنا إلى دخول الجنة من أوسع أبوابها، وإن في ذلك لذكرى وعبرة.



المراجع

  1. سورة الاسراء، آية:23
  2. رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:340/4.
  3. "مقترحات وافكار في"بر الوالدين""، صيد الفائد. بتصرّف.
  4. سورة الاسراء، آية:24
  5. "كيفية البر وانواعه"، الكلم الطيب. بتصرّف.
  6. "كيفية بر الوادين في الحياة والممات"، بن باز. بتصرّف.