ثبتت مشروعية الطلاق في الشريعة الإسلامية في العديد من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية، فقد قال عز وجل: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ"،[١] وقد أجمع علماء المسلمين كلهم على ذلك؛ لأنه مطلب من متطلبات الحياة في بعض النماذج الزوجية التي ينتج عنها الخلاف الدائم وصعوبة الحل واستحالة التوافق فيما بين الزوجين، ويعرف الطلاق بأنه انفصال ما بين الزوجين نتيجة حل عقدة الزواج بنطق الزوج كلمة الطلاق، أو ما يُعبر عنها، وللطلاق أقسام وشروط عديدة حصرها الإسلام بثلاث طلقات، وجعلها بيد الرجل؛ فهو صاحب الحق في القوامة الزوجية، وقد حفظت الشريعة الإسلامية حق المرأة كذلك، ولم تجعل قوامة الرجل مطلقة على المرأة، بل أوجبت لها حقوقًا يكفلها الشرع، فإن وجدت المرأة ضررًا من زوجها جاز لها أن تطالب بالطلاق من خلال العديد من القضايا؛ كالخلع، وطلاق الضرر، وقد بينت الشريعة الإسلامية الحالات والأحكام في هذه الحالة، وسنتحدث عنها في مقالنا هذا.


طلاق الضرر

الأصل في الطلاق أن يكون بيد الرجل، لكن الشريعة وضعت حالات متعددة تطلب بها المرأة الطلاق لضررٍ وقع بها من زوجها، إذ يتسبب ذلك الضرر بتعسر سير حياتهما الزوجية، وهذا ما يعرف بطلاق الضرر، فإن طلقها بتراضٍ فيما بينهما فقد وقع الطلاق، وإن لم يطلقها جاز لها أن تطلب من القاضي ذلك مع بيان الأسباب بدعوى تسمى الخلع، وفي دعوى الخلع يكون الطلاق بائنًا بينونة صغرى، ويجب على المرأة رد بعض من حقوقها للرجل، ولطلاق الضرر اقتران بوجود سبب مبرر، فلا يمكن للمرأة طلب طلاقها دون سبب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا من غيرِ بأسٍ، فحرامٌ عليْها رائحةُ الجنَّةِ"،[٢] ومن الأسباب التي يمكن للمرأة طلب الطلاق على إثرها ما يأتي:[٣]

  1. أن تكره الزوجة الحياة مع زوجها؛ وذلك بسبب خلقه أو سوء تعامله، كأن ترى منه أخلاقًا وضيعة بعكس ما عرفته قبل زواجهما.
  2. أن يكون الزوج فاسقًا، تخشى على دينها منه، فلا تستطيع أداء كافة أوجه العبادة بسببه، أو أن يرغمها على فعل معصية، وهنا يجوز لها طلب الطلاق؛ لأن هذه الحالة فيها مخالفة واضحة للقاعدة الشرعية: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله".[٤]
  3. أن يترتب على استمرار الزواج ضرر بالزوجة، وهذا الضرر يكون بسبب الزوج سواء أكان نفسيًّا أم جسديًّا، ويندرج في نحو ذلك ضرب الرجل لها وشتمها وذمها، وهذا يخالف ما أوصت الشريعة الإسلامية به، ويتنافى مع الغاية التي أعطي الرجل القوامة لأجلها.
  4. أن لا يؤدي حقها في الإنفاق، فالإنفاق على الزوجة هو واجب على الرجل، ويتضمن توفير طعام وشراب ولباس ومسكن، فإن لم يؤدِّ الرجل هذا الحق لزوجته جاز لها طلب الطلاق لعدم قدرتها على العيش في ظل حرمانها من حقوقها الأساسية.
  5. وجود عيب في الزوج، ويكون هذا العيب غير معروف للزوجة قبل زواجهما، مثل وجود عيب عقلي كالجنون، أو عيب جسدي كوجود مرض مزمن من الممكن انتقاله للزوجة.
  6. هجر الزوجة، وقد يكون بغياب الزوج لمدة طويلة في السفر أو السجن، ويحق للمرأة طلب الطلاق لوجود ضرر عليها، ومخالفة المقاصد التي جاء بها الزواج.


أقسام الطلاق

حصر الإسلام الطلاق بثلاث طلقات فقط في يد الرجل؛ لأن الناس كانوا في الجاهلية لا يحصرون طلاقهم بعدد، وفي حصره بيان لأهمية الطلاق وبيان جديته، فلا يرد لفظ الطلاق على الألسن في حين النزاع خوفًا من انقطاع العلاقة انقطاعًا دائمًا، أما أقسام الطلاق فهي كالآتي:


1. الطلاق الرجعي

وهو أن يطلق الرجل زوجته التي دخل بها دخولًا صحيحًا الطلقة الأولى أو الثانية، ثم يردها لعصمته قبل انتهاء مدة عدتها، لذلك سمي بالطلاق الرجعي؛ لأن الرجل يملك الحق في إرجاعها دون الحاجة لرضا الزوجة أو أي عقد جديد بينها، فيكفي أن يصرح بلفظ إرجاعها لذمته، لكن بشرط أن يراجعها خلال مدة عدتها باختلافها، سواء أكانت ثلاث حيضات، أم مدة وضع الحمل للمرأة الحامل، أم ثلاثة أشهر لليائس من المحيض.[٥]


2. الطلاق البائن بينونة صغرى

وهو الطلاق الذي لا يستطيع الرجل فيه مراجعة زوجته إلا بعقد ومهر جديد، ويشترط به موافقة الزوجة، وله أوجه متعددة، على النحو الآتي:[٦]

  • أن يطلق الرجل زوجته ولا يراجعها خلال مدة عدتها.
  • أن يطلقها قبل الدخول بها.
  • أن تخالع المرأة زوجها، أو تطلب الطلاق من القاضي بسبب ضرر وقع عليها من الهجر أو وجود عيب.


3. الطلاق البائن بينونة كبرى

وهو أن يطلق الرجل زوجته الطلقة الثالثة، فتحرم المرأة على زوجها، ولا سبيل لعودتهما حتى تتزوج رجلًا آخر دون زواجه بنية التحليل، ثم يطلقها وحينها يحل لها العودة إلى زوجها الأول بعقد زواج جديد.[٧]


المراجع

  1. سورة البقرة ، آية:229
  2. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:1187، صحيح.
  3. "الحالات التي يجوز للمرأة طلب الطلاق فيها"، صيد الفوائد . بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:392، صحيح.
  5. ابن باز ، كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 301. بتصرّف.
  6. التويجري، محمد بن إبراهيم، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 211 -213، جزء 4. بتصرّف.
  7. حسين العوايشة ، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 319، جزء 5. بتصرّف.