ضبط الإسلام العقود التي شرعها، ومن أهم العقود التي تدوم بها الحياة البشرية هو عقد النكاح، والنكاح في الإسلام مبني على المودة والرحمة، وقد قيد الإسلام النكاح بشروط، وتعد شروط النكاح من أهم الشروط التي يجب الاهتمام بها، بل لا بد من تطبيقها ليكون عقد النكاح عقدًا صحيحًا، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه سمح بوجود اختلاف في آراء الأئمة؛ وذلك تيسيرًا على الناس، وفي مقالنا هذا سنوضح شروط النكاح في كل من المذاهب الأربعة؛ الشافعي، والحنفي، والحنبلي، والمالكي.


1. شروط النكاح عند الشافعية

تتعلق شروط النكاح عند الشافعية بالصيغة والولي والزوجين وبالشهود، وفيما يلي عرض لشروط كل واحد منها:[١]


شروط الصيغة عند الشافعية

  • ألا تكون الصيغة فيها تعليق للزواج على حدوث أمر ما، كأن يقول ولي الزوجة زوجتك ابنتي إذا أعطيتني الدار.
  • ألا تكون الصيغة مؤقتة، كأن يقول الولي زوجتك ابنتي لشهر، أو يقول الزوج أتزوج ابنتك لشهر.
  • أن تكون الصيغة مشتقة من ألفاظ التزويج والإنكاح، وذلك للدلالة بوضوع على المقصود، بقول زوجتك وتزوجت أو أنكحتك وما يشابهها.


شروط الزوجين عند الشافعية

  • الشروط المتعلقة بالزوج: أن يكون غير محرّم على المرأة بنسب أو رضاع أو مصاهرة، وأن يكون معينًا، وأن يكون مختارًا وليس مكرهًا.
  • الشروط المتعلقة بالزوجة: ويجب ألا تكون محرمة على الرجل، وألا يكون فيها أي مانع يمنع الرجل من الزواج بها سواء أكان هذا المانع مؤقتًا أم مؤبدًا، وأن لا تكون على ذمة رجل آخر، وألا تكون معتدة لطلاق أو وفاة.


شروط الشهود عند الشافعية

يجب إشهاد اثنين على عقد الزواج، ويشترط ألا يكونا فاسقين، كما لا يجوز أن يكونا امرأتين، ومن الضروري الإشارة إلى أنه لا تصح شهادة ولي الزوجة على العقد، إذ لا يمكن لولي الزوجة أن يكون شاهدًا حتى لو وَكًل غيره في عقد النكاح؛ لأنه بالأصل ولي، ولا تجوز شهادة الولي.


شروط الولي عند الشافعية

يجب أن يكون هذا الولي رجلًا مسلمًا مختارًا غير مجبر، وأن يكون بالغًا عاقلًا، وأن يكون من محارم المرأة، وأن يكون عدلًا فلا يصح من فاسق، وألا يكون محجورًا عليه.



2. شروط النكاح عند الحنفية

قال الحنفية إن شروط النكاح تتعلق بالصيغة والعاقدين والشهود، وفما يلي عرض لشروط كل واحدة منها:[٢]


شروط الصيغة عند الحنفية

من المعروف عند جميع الأئمة أن الصيغة تعني الإيجاب والقبول، ومن شروط الصيغة عند الحنفية ما يأتي:

  • أن تكون بألفاظ مخصوصة، وهذه الألفاظ إما أن تكون ألفاظًا صريحة، وإما ألفاظ كناية، فالصريحة مثل أن تقول زوجني ابنتك فيقول زوجتك، أما الكناية فلا ينعقد النكاح بها إلا إذا كانت النية هي التزويج وأن يفهم الشهود في الزواج المراد منها.
  • أن يكون الإيجاب والقبول في المجلس نفسه أي مجلس واحد، فإذا قالت امرأة بوجود شاهدين زوجتُ نفسي من فلان، ولكن فلان كان غائبًا، ولما علم فلان بهذا قال قبلت بوجود شاهدين، فإن العقد لا يتم؛ لأن المجلس لم يتحد ولم يكن مجلسًا واحدًا، وعند الحنفية لا يشترط القبول بالفور، أي إذا قال الرجل زوجني ابنتك، ثم انتقل وليها لحديث آخر، وبعد ذلك عاد وقال قبلت ولكن في المجلس نفسه فإن عقد النكاح صحيح في هذه الحالة.
  • ألا يخالف القبول الإيجاب، مثل أن يقول زوجتك ابنتي بمهر 20 ألف دينار، فيقول قبلت النكاح ولكنني لم أقبل المهر، إذ إن العقد لا يتم في هذه الحالة.
  • سماع العاقدين للصيغة.
  • ألا يكون اللفظ مؤقتًا، كأن يقول تزوجتك لشهر أو شهرين.


شروط العاقدين عند الحنفية

  • العقل والبلوغ والحرية.
  • أن تكون الزوجة حلًّا للرجل، فلا يتم العقد على امرأة معتدة، أو امرأة على ذمة رجل آخر.
  • أن يكون الزوج والزوجة محددين ومعلومين.


شروط الشهود عند الحنفية

أن يكونا رجلين، ويصح العقد برجل وامرأتين، ولكنه لا يصح بامرأتين دون رجل، ويشترط في الشهود البلوغ والعقل والحرية والإسلام وسماع كلام العاقدين.


3. شروط النكاح عند الحنابلة

فيما يأتي تفصيل لشروط النكاح في المذهب الحنفي:[٣]

  1. تعيين الزوجين وتحديدهما، وأن يكون الإيجاب بلفظ صريح بالتزويج، أما القبول فيكفي أن يقول قبلت أو رضيت.
  2. عدم تقدم القبول على الإيجاب.
  3. الرد الفوري على الإيجاب وعدم التأخر.
  4. الاختيار والرضا، فلا يصح العقد من مُكرَه ومُجبَر.
  5. موافقة الولي للشروط؛ وهي أن يكون رجلًا وليس امرأة، فلا تصح ولاية المرأة، ويجب أن يكون عاقلًا، فلا تصح ولاية غير العاقل، والبلوغ فلا تصح الولاية من صغير، وأن يكون حرًّا فلا تصح ولاية العبد، كما لا تصح الولاية على النفس.
  6. مطابقة الشاهدين للشروط، وهي أن يكونا ذكرين، ويشترط ألا يكونا من أصول الزوجين أو من فروعهما، إذ لا تصح شهادة الآباء أو الأبناء.
  7. خلو الزوجين من أي موانع شرعية تمنع زواجهما.


4. شروط النكاح عند المالكية

عند المالكية شروط لعقد النكاح، وفيما يلي توضيح لها:[٤]

  1. يشترط في الصيغة أن تكون بألفاظ مخصوصة تدل على معنى النكاح والزواج، وأن يكون القبول بأي صيغة تدل على القبول.
  2. يجب ألا يفصل فاصل بين الإيجاب والقبول، إذ يجب أن يتبع القبول الإيجاب.
  3. ألا يكون لفظ النكاح مؤقتًا بمدة محددة كشهر أو سنة.
  4. ألا يكون اللفظ متضمنًا الخيار، أو على شرط ناقض للعقد.
  5. يشترط في الولي أن يكون ذكرًا وحرًّا وبالغًا وعاقلًا ومسلمًا وغير سفيه.
  6. أن يكون الشاهدان غير الولي.


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 4-55. بتصرّف.
  2. "ملخّص مهم في أركان النّكاح وشروطه وشروط الوليّ"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.
  3. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 23-24. بتصرّف.
  4. عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 24-26. بتصرّف.