إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من أجل عبادته وطاعته، وقد خلق الله سبحان وتعالى الأرض وجعل الإنسان مستخلفًا فيها لتحقيق الغاية من إيجاد الإنسان، ولا شك في أن الله سبحانه وتعالى أباح لنا كل ما يتناسب مع أمر الاستخلاف سواء أكان ظاهرًا أم باطنًا، فقد أنعم الله على الإنسان بنعم كثيرة، ومن أهم هذه النعم هو النكاح الذي يكمن هدفه الأساسي في الحفاظ على النسل البشري، وجعل النكاح وتكاثر الذرية من سنن الأنبياء والرسل، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ"،[١] فبالنكاح تتحقق المودة والرحمة والاستمتاع، وفي مقالنا هذا سنتحدث عن النكاح وأهم الأمور التي تجب في النكاح.


تعريف النكاح

يعرف النكاح في اللغة بأنه التداخل والضم، أما في الاصطلاح فهو يشير إلى العقد بين رجل وامرأة والذي أباحه الشرع وأتاح لكليهما به الاستمتاع ببعضهما وإنجاب الأبناء للحفاظ على النسل.[٢]


مقاصد النكاح

فيما يأتي تفصيل لمقاصد النكاح:[٣]


1. الذرية

وردت آيات كثيرة تظهر أن الذرية والإنجاب من أهم مقاصد النكاح، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا"،[٤] وهذا المقصد يكون لكل من الزوج والزوجة، فالهدف من الزواج هو إنجاب الأبناء أي الذرية، فالمال والأبناء هم زينة الحياة الدنيا، ولهذا يجب على الزوجين أن يعرفا أن الفضل في وجود الذرية يعود على كليهما وليس على واحد منهما فقط، ولا يجوز لأحدهما أن يرى أن الفضل في وجود الذرية يعود إليه وحده دون الآخر، وبفهم هذا الأمر يكون التعاون بينهما في حمل هذه المسؤولية أكثر سلاسة، وبالتالي تصبح المهمة أسهل، بعكس ما يكون الحال عليه إذا ما تخلى أحدهما عن هذه المسؤولية وألقاها على الآخر، إذ تصبح المهمة شاقة جدًّا، وربما يلحق الضرر والفساد بالذرية؛ إذ إن تربية الأبناء تحتاج إلى تعاون بين الزوجين، وفي حال عدم وجود التعاون بينهما ربما يؤدي ذلك إلى الشقاق والنزاع والفراق، ثم جوع الأولاد وضياعهم، وهذا ما قالته خولة بنت ثعلبة عندما جاءت تشتكي ظهار زوجها للرسول صلى الله عيه وسلم قائلة: "يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي مِنْهُ أَوْلَادًا؛ إِنْ ضُمَمْتُهُم إِلَيَّ جَاعُوا، وِإِنْ ضَمَّهُم إِلَيْهِ ضَاعُوا".


2. الخدمة

إن من الأهداف والمقاصد التي تدفع الرجل إلى الزواج، تقديم الخدمة من الزوجة، سواء أكانت الخدمة داخل المنزل أم خارجه، ولكل واحد منها أحكام خاصة بها، مثل تنظيف المنزل، وإعداد الطعام، وغسل الملابس، وجمع الحطب، والعناية بالأنعام، وغيرها من الأمور التي تختلف باختلاف العصور والأماكن، ومقابل هذه الأمور التي تتطوع بها الزوجة، فإن الزوج يكون ملزمًا بالنفقة، وقد روى أبو داود في سننه من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أن تُطعمها إذا طعمتَ، وتكسوها إذا اكتسيتَ، ولا تضربِ الوجهَ، ولا تُقبِّحْ، ولا تهجر إلا في البيتِ"،[٥] ومن الضروري أن نشير إلى أن النفقة تشمل توفير الحماية لها بجميع أشكالها؛ من حماية جسدية ونفسية ومنزلية ومعيشية، ومن الضروري معرفة واجبات وحقوق كل من الزوجين ليؤدي كل منهما واجبه ويكون على دراية بحقه.


3. المتعة

وهذا المقصد من أهم المقاصد وأوسعها، وهو أكثر مقاصد الزواج نفعًا وأهمية، وأكثرها ضررًا في حال إهماله، ولا يقصد بالمتاع هو الجماع فقط، بل هو أشمل من ذلك، إذ يضم جوانب الحياة جميعها، والأمر مطلوب من الزوجين وليس من واحد منهما، ويكون مطلب كل واحد منهما بالطبيعة التي تناسبه وتستقيم مع خلقته، وعلى الزوجين أن يسعيا لتحقيق ما يوفر الاستمتاع لكليهما؛ ليسعدا بعضهما من أجل الحفاظ على الميثاق الذي بينهما إلى حين لقائهما في جنات النعيم.


الكفاءة في النكاح

إن ما أهم ما يجب توافره في الزوجين عند اختيار أحدهما للآخر، وجود الكفاءة والتناسب فيما بينهما؛ إذ يسهل ذلك من حياتهما بعد الزواج، ولإيضاح ذلك سنعرض فيما يأتي أهم مجالات الكفاءة التي يجب الاهتمام بها:[٦]


1. الكفاءة في الدين

الكفاءة في الدين بين الزوج والزوجة لها تأثير كبير، وقد اتفق الفقهاء على ذلك؛ فلا يجوز للمسلمة أن تتزوج من الكافر، ولا يجوز أن يتزوج المسلم من غير مسلمة إلا الكتابية المعروفة بالعفاف، كما أن الشخص الفاسق والمعروف بفسقه يمنع من الزواج بالمرأة المعروفة بدينها؛ لأنه لا يؤتمن عليها، فقد يمنعها من حقوقها أو يجبرها على فعل المحرمات.


2. الكفاءة في النسب

لم يتفق الفقهاء على قول واحد في مسألة الكفاءة في النسب، إذ رأى بعضهم أنها أمر ضروري يجب أخذه بعين الاعتبار، بينما رأى آخرون أنه غير ضروري أبدًا، وهو في الحقيقة قد يكون مهمًّا للبعض من الناس؛ فقد لا تطيق الفتاة عريقة النسب الزواج برجل لا يدانيها في ذلك، لما فيه من اختلاف في العادات والطباع ومستوى المعيشة، بينما قد يكون الأمر نفسه مناسبًا لفتاة أخرى، والحال نفسه ينطبق على الرجل.

المراجع

  1. سورة الرعد، آية:38
  2. "تعريف النكاح لغة وشرعاً"، الألوكة . بتصرّف.
  3. " السعادة والفلاح في فهم مقاصد النكاح (1)"، الألوكة. بتصرّف.
  4. سورة الكهف، آية:46
  5. رواه النووي، في تحقيق رياض الصالحين، عن معاوية بن حيدة القشيري، الصفحة أو الرقم:149، حسن.
  6. "القول في اعتبار الكفاءة في النكاح "، إسلام ويب . بتصرّف.