حافظ الإسلام على علاقات الناس ببعضهم، وسنَّ بينهم قواعدَ ومسالكَ يلتزمون بها؛ حفاظًا على ألفةِ هذا التَّرابط، وديمومته بالخير على الوجه الذي يرضي الله تعالى، ويقودُ الفرد إلى التّعايش في بيئةٍ حضاريةٍ تليقُ بوصفها بحضارة الإسلام، وإنَّ من العلاقات الاجتماعية التي حث عليها الإسلام هي علاقة المسلم بجاره، فقد أوصى جبريل عليه السلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالجار، كما في حديث عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها فقد قالت: قال الرَّسول صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنه سيورِّثُه"[١]، وفي هذا الحديث دلالة على عِظمِ مكانةِ الجار في الإسلام، فللجارفي الإسلام مكانةٌ عظيمةٌ، حتى باختلاف حالِ الجار مسلمًا كان أم كافرًا، أم من الأقارب أم غير ذلك، إذ أوصى عليه الصّلاة والسّلام بالجار، ولنا فيما جاء في السّنة عن تعامل رسول الله مع جارهِ اليهوديّ دروسًا وعبر تبين أن مكانةَ الجارِ لا تختلف باختلاف معتقده أو حاله أو قربه.[٢]


حقوق الجار

حفظَ الإسلام للجار حقوقًا على جاره، بيَّنها الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يأتي[٣]:


حقوقٌ عامَّة

وهي الحقوق التي يجب على المسلم تأديتها لعموم المسلمين، كما بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه فقال:"حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ سِتٌّ قيلَ: ما هُنَّ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: إذا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عليه، وإذا دَعاكَ فأجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَحْ له، وإذا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإذا مَرِضَ فَعُدْهُ وإذا ماتَ فاتَّبِعْهُ"[٤].


حقوقٌ خاصَّة

توجد للجار مجموعة من الحقوق التي اختصه بها الإسلام عن غيره بحكم قرب السكن، وفيما يأتي بيان لها:


1. الإحسان له

فالإحسانُ عامَّة سمةٌ من سمات المسلم، وسببٌ في بناء العلاقات المجتمعية المتماسكة والمبنية على الودِّ والألفة والمحبة، فالجار يقبلُ الهديَّة من جاره مهما كانت، ويقبلُ دعوتهُ ويكرمه امتثالًا لوصايا النبي صلى الله عليه وسلم في تفقد الجار لجاره، وإشعارًا له بمسؤوليَّته تجاه جاره.


2. صنع الطعام للجيران حين وفاة أحدٍ منهم

كما قال الإمام الشّافعي: "إنَّ من السّنة أن يصنع الجارُ أو ذو القربى طعامًا لأهل الميت، ففي حديث النَّبي صلى الله عليه وسلم حين استُشهِد جعفر، قال: "اصنَعوا لآلِ جعفرٍ طعامًا، فإنَّهُ قد أتاهم أمرٌ شَغلَهُم".[٥]


3. تجنب أذية الجار

فقد وصَّى النبي صلى الله عليه وسلم بالجار ونهى عن أذيته، بل عدها من الكبائر المقترنة بعدم الإيمان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ".[٦]

فضل الإحسان إلى الجار

إن إكرام الجار فيه دلالةٌ على الإيمان واكتماله، بل وأنَّ من يكرم جاره يكون من المقربين عند الله سبحانه وتعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الأصحابِ عندَ اللهِ خيرُهم لصاحبِه، وخيرُ الجيرانِ عندَ اللهِ خيرُهم لجارِهِ"[٧]، وذلك لما يلقاه المرءُ من سعادةٍ وطمأنينةٍ بالجار الصالح، ومن مكانةٍ عاليةٍ ينالها من أحبَّ لجارهِ كما يحبُّ لنفسه.[٨]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6015.
  2. "حقوق الجار"، صيد الفوائد. بتصرّف.
  3. "الجار في سنة النبي المختار "، إسلام ويب ، 11/9/2011، اطّلع عليه بتاريخ 12/8/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2162.
  5. رواه الألباني ، في صحيح أبي داود ، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:3132، حسن.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو شريح العدوي خويلد بن عمرو، الصفحة أو الرقم:6016، صحيح.
  7. رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة ، عن عبد الله بن عمرو ، الصفحة أو الرقم:103، صحيح.
  8. عبدالإله أبو الخير (11/5/2015)، "حقوق الجار بين يديك "، الألوكة الشرعية ، اطّلع عليه بتاريخ 12/8/2021. بتصرّف.