يتخذ الوقف مكانةً مميزة في الشريعة الإسلامية؛ وذلك لما له من أثر كبير على الاقتصاد، فهو يلعب دورًا مهمًّا فيه، ويعد وقف الأعيان من أكثر أنواع الأموال الموقوفة، خصوصًا وقف العقارات، ولقد تغيرت الأوقاف وتطورت من حيث أنواعها؛ فلم يعد الوقف مقتصرًا على العقارات فقط، بل تجاوز ذلك إلى كثير من الأموال التي يمكن وقفها، ولإيضاح ذلك سنعرض في هذا المقال إيجازًا عن الأموال التي من الممكن وقفها، وسنعرض أشكال تلك الأموال ونشير إلى ما ينطبق عليها الوقف، ثم سنتعرف على ضوابط استثمار أموال الوقف.[١]


ما هو مال الوقف؟

يُعرّف الوقف بأنه حبس المنفعة من أحد الأصول التي يمكن الانتفاع بها دون بيعها وتقييدها لوجه الله تعالى في أحد وجوه الخير بنية أخذ الأجر والثواب من الله، ويشمل مال الوقف الأموال التي من الممكن وقفها، وتتنوع هذه الأموال لتشمل الكثير من الأشكال، ومن هذه الأشكال ما يلي:[٢]


1. وقف العقار

وهو وقف الأراضي والدور والدكاكين والبساتين.


2. وقف المنقول

وهو يشير إلى ما يمكن نقله وتحريكه من ممتلكات؛ ومن الأموال المنقولة التي من الممكن وقفها أدوات المسجد من الآلات والحصائر، وكذلك أنواع السلاح والثياب والأثاث بغض النظر عن الموقوف إذا ما كان مستقلًّا بذاته أم لم يكن مستقلًّا بذاته.


3. وقف المشاع

وهي الأراضي المشاع التي لا تحتمل التوزيع والقسمة، ولقد أجاز العلماء هذا النوع من الوقف؛ لأن الوقف هبة، وهبة المشاع غير القابل للقسمة جائزة.


4. وقف حق الارتفاق

إذ يجوز وقف الجزء العلوي من الدار دون الجزء السفلي منها والعكس أيضًا؛ إذ يجوز وقف أسفل البيت دون الجزء العلوي منه.


5. وقف الإقطاعات

أراضي الإقطاعات هي الأرضي المملوكة للدولة، وقد أعطتها الدولة للمواطنين من أجل تنميتها واستغلالها بشرط دفع ما يترتب عليها من ضرائب، ولكن تبقى ملكيتها للدولة، فلا يجوز أن يقف المقطع هذه الأرض لأنها ليست ملكًا له، وكذلك لا يجوز للحكام أن يوقفوا هذه الأراضي إلا إذا كانت أراضٍ مواتًا أو ملكًا للحاكم.


6. وقف أراضي الحوز

وهي أراضٍ مملوكة لأفراد ولكنهم لم يتمكنوا من استغلال هذه الأراضي، فأخذتها الحكومة ووضعت يدها عليها من أجل أن تستغلها وتأخذ منها الضرائب، ولا يحق لها أن تقفها لأنها ليست ملكًا للدولة بل ما زالت ملكًا للأفراد.


7. وقف الإرصاد

ويعني أن يقف أحد الحكام أرضًا، وهذه الأرض في الأصل مملوكة للدولة، ويكون وقفها من أجل مصلحة عامة مثل بناء مستشفى أو مدرسة،ويسمى هذا الأمر إرصادًا وليس وقفًا.


8. وقف المرهون

يجوز للراهن أن يقف الشيء المرهون لأنه ملك له.


9. وقف العين المؤجرة

لا يستطيع المستأجر أن يقف الشيء الذي استأجره لأنه ليس ملكًا له.


ضوابط استثمار أموال الوقف

لاستثمار الوقف ضوابط شرعية يجب الالتزام بها، ومن هذه الضوابط ما يلي:[٣]


1. مشروعية الاستثمار

يجب أن يكون أساس عمليات استثمار الوقف موافقًا لأحكام الشريعة الإسلامية التي تعد المرجع الأول والأساسي لهذا النشاط الاستثماري.


2. الاستثمار بالطيبات

المقصود هنا هو توجيه استثمار أموال الوقف نحو المشاريع الاستثمارية التي تتوجه نحو إنتاج الطيبات والابتعاد عن المشاريع الاستثمارية التي تتوجه نحو إنتاج الخبائث.


3. اعتماد سلم الأولويات

والمقصود من هذا الضابط ترتيب المشاريع الاستثمارية وفق سلم الأولويات المعروف في الشريعة الإسلامية، فلا بد من التوجه في البداية نحو الاستثمار الضروري ثم الاستثمار الحاجي ثم التحسيني، وهذا كله وفق احتياج المجتمعات الإسلامية.


4. مراعاة المنطقة الإقليمية

والمقصود من هذا الرابط هو توجيه أموال الوقف للمشروعات الإقليمية المحيطة بالمؤسسة الوقفية، ثم الأقرب فالأقرب وهكذا، فلا يجوز استثمار أموال الوقف في الدول الأجنبية في حال حاجة الدول الإسلامية إلى استثمار أموال الوقف فيها.


5. تخصيص النفع الأكبر للموقوف عليهم

والمقصود هنا هو توجيه جزء من أموال الوقف والاستثمارات لمشاريع تعود بالنفع على الفقراء، وتوفير فرص عمل لأبناء الفقراء بما يضمن تحقيق التنمية الاجتماعية.


6. تحقيق عائد مالي مرضٍ من النشاط الاقتصادي

فالعائد هو المبلغ المالي الناتج من عملية الاستثمار، إذ يجب أن يكون هذا العائد مرضٍ وكافٍ لجميع الجهات المستحقة له.

7. المحافظة على الأموال والسعي نحو تنميتها

وهذا يكون من خلال عدم تعريض أموال الوقف للمخاطرة العالية، والبحث عن الضمانات اللازمة التي تضمن التقليل من المخاطر، ويجب الابتعاد عن اكتناز الأموال؛ لأن هذا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.


8. التوازن

وهو التوزان من حيث طول الأجل والصيغ المستخدمة في الاستثمار، فهذا يؤدي إلى تقليل المخاطر وزيادة العائد.

 

9. توثيق العقود الاستثمارية بين الأطراف

إذ يجب توثيق جميع الأطراف المشاركة في العملية الاستثمارية، والمقدار الذي سيحصل عليه كل منهم؛ من العائد ومقدار الخسارة التي سيتحملها كل طرف في حال حدوثها.


10. تقييم أداء الاستثمار ومتابعته

إذ يجب على المسؤول عن الاستثمار كناظر الوقف والمدير أن يتفقد الاستثمار ويطمئن بأن كل شيء يسير وفق السياسة المخطط لها.


المراجع

  1. "الوقف في الإسلام: مجالاته وأهدافه وحمايته"، الألوكة. بتصرّف.
  2. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 10-7609-7615. بتصرّف.
  3. الوقف/ " استثمار أموال الوقف بين الضوابط الشرعية والجدوى الاقتصادية "، الألوكة. بتصرّف.