ما هو بيع النجش؟

يقصد ببيع النجش الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها؛ ليغرّر بغيره، ويوقعه بشرائها، أو يمدح السلعة بما ليس فيها ليروّجها، فالنجش فيه إثارة رغبة الغير في السلعة، ولو بثمن أكثر مما يقدّره المشتري،[١] كأن يحضر الرجل السوق، فيرى السلعة تباع بثمنٍ فيزيد في ثمنها، وهو لا يرغب في ابتياعها، ليقتدي به الراغب.[٢]


ويسمى الشخص الذي يقوم بذلك الناجش، حيث يقع هذا البيع باتفاق الناجش مع البائع، فيشتركان في خداع المشتري، أو يقع من الناجش وحده دون علم البائع، فيقوم بالإغراء ورفع السعر دون علم البائع، أو ينفرد البائع بعملية الإغراء؛ من غير وجود الناجش، فيزعم أنه اشترى بأكثرَ مما اشتراها به، وربما يحلف على ذلك ليرغّب المُشتري.[٣][٤]



ما حكم بيع النجش؟

إن إن بيع النجش من البيوع المنهي عنها في الإسلام باتفاق الفقهاء؛ فالنجش حرام بالإجماع، لِما فيه من الخديعة والحيلة التي تفضي إلى أكل أموال الناس بغير وجه حق، ويعتبر الناجش عاصِ ويترتب عليه الإثم، وكذا البائع إن كان متفقاً مع الناجش،[٥] وقد جاء النهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النجش؛ حيث قال الصحابي عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ النَّجْشِ)،[٦] وما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، ولَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ علَى بَيْعِ بَعْضٍ، ولَا تَنَاجَشُوا، ولَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، ولَا تُصَرُّوا الغَنَمَ...).[٧][٨]


صحة عقد البيع حال النجش

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن عقد البيع حال النجش هو بيع صحيح تترتب عليه آثاره مع اتفاقهم على تحريم هذا النوع من البيع وعلى أن الإثم يلحق الناجش، لأن النجش فعل الناجش لا العاقد فلم يؤثر في البيع،[٩] فالبيع قد توفرت فيه شروط البيع الصحيح، والنهي لحق الآدمي لا عقد البيع، فلم يفسد العقد، وذهب الإمام أحمد في رواية عنه أن البيع باطل؛ لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه، ولثبوت النهي عن النجش في السنة الصحيحة.[١٠][١١]


الخيار للمشتري بين فسخ العقد أو إمضائه

اختلف الفقهاء في ثبوت الخيار للمشتري بين فسخه لعقد البيع حال النجش أو إمضائه بين ثلاثة أقوال:[١٢]

  • لا خيار له مطلقًا، سواء كان فعل الناجش باتفاقٍ مع البائع أم لا، وهذا ظاهر مذهب الحنفية، والصحيح من مذهب الشافعية.
  • له الخيار مطلقاً، وهذا مذهب الحنابلة، واختاره ابن حزم الظاهري.
  • لا خيار له مطلقاً إذا لم يعلم البائع بالناجش، وإن علم البائع بالناجش وسكت، فللمشتري رد المبيع إن كان قائماً، وله التمسك به، وإن فات المبيع فالواجب القيمة، وهذا مذهب المالكية، وهو وجه عند مذهب الشافعية.



مواضيع أخرى:

أنواع البيوع

عقد المرابحة في الشريعة الإسلامية


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 86. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 158. بتصرّف.
  3. محمد إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 421. بتصرّف.
  4. "النجش والتناجش (أنواعه، حكمه، النهي عنه)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/8/2022. بتصرّف.
  5. دبيان لدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 75. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2142، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2150، صحيح.
  8. ابن قدامة، المغني، صفحة 160. بتصرّف.
  9. محمد نعيم ساعي، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي، صفحة 457. بتصرّف.
  10. دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 79. بتصرّف.
  11. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 25. بتصرّف.
  12. دبيان الدبيان، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، صفحة 79-80. بتصرّف.