تعريف الميراث

لغةً

كلمة إِرْث هي مصدر وَرِثَ، والإرْثُ بقية الشيءِ، ونقول عن تناقل الشيء القديم تَوارَثه الآخِرُ عن الأَوّل، وقد ورد في حديث شريف: "فإنَّكمْ على إِرثٍ من إرثِ أبيكمْ إبراهيمَ".[١][٢]


اصطلاحًا

للميراث أو الإرث تعريفات كثيرة في الاصطلاح، ومنها ما يلي:

  • هي الأموال والممتلكات التي يتركها الإنسان المتوفي لمجموعة من الأشخاص الذين يستوفون شروطًا معينة للحصول على الميراث، ويطلق عليهم مصطلح الوَرَثة.[٣]
  • سمي الميراث أيضًا التركة، والتركة هي ما يتركه الإنسان من المال بعد موته، وتكون الورثة فقط في المال الذي يقع تحت ملك الميت، وإن الحقوق التي تلحق بمال الميت تحسب من الورثة مثل سداد الديون.[٤]
  • يعرف الميراث أيضًا بالمال الذي يتركه الميت للورثة سواء أكان هذا المال مالًا منقولًا مثل الذهب والفضة والأثاث وسائر الأموال التي من الممكن أن تنقل، أم كان غير منقولًا مثل الأراضي والمباني وما شابه ذلك.[٥]


أركان الميراث

لكل قضية شرعية أركان، وإن أركان الميراث ثلاثة: المورث والوارث والموروث، وفيما يلي توضيح للأركان الخاصة بالميراث:[٦]


1. المُورِّث

هو الإنسان الذي فارق الحياة سواء أكان موته حقيقيًّا، وهذا يعني قبض روحه من ملك الموت ودفنه، أو يكون موته حكمًا مثل الشخص المفقود الذي لم يُعثر عليه.


2. الوارث

وهو الإنسان الحي الذي لم يفارق الحياة، وينتمي للإنسان المتوفي بصلة قرابة، ويستوفي شروطًا معينة تجعله يتضمن سببًا من أسباب استحقاقه لهذا الإرث.


3. الموروث

هو ما تركه المتوفي من أموال، سواء أكانت منقولة أم غير منقولة، وما يترتب على ذلك من حقوق.


شروط الحصول على الإرث

توجد شروط وأسباب لا بد من أن تتوافر في الشخص الذي سيحصل على الموروث، إذ إن الأسباب الموجبة للحصول على الإرث هي أربعة أسباب، وقد اتفق الأئمة على ثلاثة منها، ولكنهم اختلفوا في الرابعة، وفيما يلي توضيح لهذه الأسباب الموجبة للإرث:[٧]


1. النكاح أو عقد الزواج وهو شرط متفق عليه

والمقصود هنا هو النكاح والزواج الذي ينشأ بعقد صحيح، فإذا تُوفي أحد الزوجين فإن الآخر يرثه، بغض النظر عما إذا كان الموت قبل الدخول أم بعده، ولكن هذا بشرط أن يكون عقد الزواج قائمًا بين الزوجين حقيقة أو حكمًا كالزوجة التي تكون في العدة بطلاق رجعي، أما إذا كان عقد الزواج فاسدًا أو باطلًا فهنا لا يستحق الزوجان أن يرثا بعضهما.


وإن العقد الباطل هو ما اتفق الفقهاء على بطلانه مثل الرجل الذي تزوج امرأة وتبين له أنها أخته في الرضاعة، أما العقد الفاسد فهو الذي اختلف الفقهاء على بطلانه أو عدم بطلانه، مثل إجراء عقد الزواج دون ولي أو شاهد، أما الدليل من القرآن الكريم الذين يبين لنا حق كل من الزوج والزوجة بإرث أحدهما الآخر هو قول الله سبحانه وتعالى: "وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ"،[٨] وهذا السبب الموجب للميراث هو من الأسباب التي اتفق عليها الفقهاء والأئمة جميعهم.[٩]


2. القربة وصلة الرحم والنسب وهو شرط متفق عليه

فالقرابة هي الصلة بين الوارث والمورث، سواء أكانت هذه الصلة بالولادة القريبة أم البعيدة، ويتضمن هذا السبب ما يلي:[٩]

  • الأصول: وهم الأب والأم والجد والجدة.
  • الفروع: ومن يرث من الفروع هم الأبناء الذكور والإناث، وأبناء الأبناء من الذكور والإناث، أما أبناء البنات فلا ميراث لهم.
  • الحواشي: وهم فروع الأصول، ويشمل الحواشي الإخوة والأخوات وأبناءهم، والأعمام والعمات وأبناءهم، والأخوال والخالات وأبناءهم.


3. الولاء وهو شرط متفق عليه

وهذا الأمر خاص بالرقيق، فإذا توفي المعتق للعبد ولم يكن له ورثة فإن العبد الذي أعتقه يرثه بغض النظر عن أي شروط.[١٠]


4. جهة الإسلام وهو شرط مختلف فيه

وهو عند الشافعية والمالكية، فإذا مات الإنسان ولم يكن له وارث يذهب ماله إلى بيت مال المسلمين ويصرف في مصالح المسلمين.[١١]


موانع الإرث

يتسبب وجود بعض الأمور بعدم استحقاق الإنسان للإرث، ومن تلك الأمور ما اتفق الفقهاء عليه، ومنها ما لم يتفق الفقهاء عليه، أما الموانع التي اتفق عليها الفقهاء فهي: الرق والقتل والردة واختلاف الدين، والموانع التي اختلف فيها الفقهاء هي: اختلاف الدارين والدور الحكمي، وفيما يلي توضيح لكل واحد من هذه الموانع على حدة:[١٢]


ما اتفق الفقهاء عليه

1. الرق

اتفق الفقهاء كلهم على أن الرقيق لا يورث؛ لأنه بالأصل هو وماله ملك لمولاه.


2. القتل

اتفق الفقهاء جميعهم على أن القاتل لا يورث وليس له أي شي من الميراث، سواء أكان القتل بقصد أم دون قصد.[١٣]


3. الردة

اتفق الفقهاء على أن المرتد هو من ترك الإسلام بإرادة منه، فلا يرث هذا المرتد من أي جهة من الجهات التي من الممكن أن يرث منها؛ لا من المسلمين، ولا من أهل الديانة الأخرى التي انضم إليها.[١٤]


4. اختلاف الدين

ذهب كثير من الفقهاء إلى أن غير المسلم لا يرث حتى لو أعلن إسلامه قبل توزيع الورثة؛ لأن الورثة تكون قد وجبت لمستحقيها بموت المورث.[١٤]


ما اختلف الفقهاء فيه

1. اختلاف الدارين

والمقصود بالدار البلد الذي له سلطان مستقل، أما المقصود باختلاف الدارين؛ أي أن يكون كل من الوارث والمورث يتبعان لدولتين مختلفتين في القوة والسلطة والجيش، ويتضح لنا الاختلاف الذي أدى إلى منع الإرث بأن يكون أحد البلدين مسلمًا والآخر دار حرب، أما إذا كان البلدان مسلمين أو من بلاد المسلمين ففي هذه الحالة يجوز الإرث، وفي حال وجود دار مختلفة، أي حرب وإسلام فهنا لا يقع الإرث؛ لأن أنظمة دار الحرب وقوانينها تختلف.[١٥]


2. الدور الحكمي

ويقصد به الحكم الذي يتسبب ثبوته بنفيه، أي أن يفصح أحد الورثة عن وجود وريث يحجب الورثة عنه، كأن يثبت أحد إخوة المتوفي وجود ابن لهذا الشخص الميت، ففي هذه الحالة يكون إثبات نسب الابن سببًا في منع الأخ الذي أثبت ذلك من أن يرث، وقد اختلف الأئمة في الحكم المترتب على ذلك؛ فالأشهر عند الشافعية أن الابن لا يرث في هذه الحالة لكن يثبت نسبه، أما عند الحنفية والحنابلة فيثبت نسب الابن وإرثه.[١٦][١٤]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن ابن مربع الأنصاري، الصفحة أو الرقم:4394 ، صحيح.
  2. "تعريف و معنى إرث في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني.
  3. التويجري، محمد بن إبراهيم، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 596. بتصرّف.
  4. سيد سابق، كتاب فقه السنة، صفحة 604. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 71. بتصرّف.
  6. عبد الله الطيار، كتاب الفقه الميسر، صفحة 228. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 3-22. بتصرّف.
  8. سورة النساء، آية:12
  9. ^ أ ب " الإرث: مفهومه، أركانه، أسبابه، موانعه"، الألوكة، 22/6/2017، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2021. بتصرّف.
  10. " الميراث بالولاء"، الألوكة. بتصرّف.
  11. وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7706. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 3-22. بتصرّف.
  13. التويجري، محمد بن إبراهيم، كتاب مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 881. بتصرّف.
  14. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين]، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 25-26. بتصرّف.
  15. الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 10-7709. بتصرّف.
  16. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 237-5. بتصرّف.