العقيقة هي ما يُذبح عن المولود؛ شكرًا لله تعالى على نعمة ولادته ذكرًا كان أو أنثى، وقد عُرفت العقيقة في الجاهلية قبل الإسلام وبعده، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: "كنَّا في الجاهليَّةِ إذا وُلِد لأحدِنا غلامٌ، ذبَحَ شاةً ولَطَخَ رأسَه بدمِها، فلمَّا جاء اللهُ بالإسلامِ، كنَّا نَذبَحُ شاةً، ونَحلِقُ رأسَه، ونَلطَخُه بزَعْفران[١][٢] وآتيًا في هذا المقال بيانٌ لعدد عقيقة الولد وشروطها.


كم عدد عقيقة الولد؟

اختلف أهل العلم من فقهاء المذاهب في عدد عقيقة الولد على قولين:[٣]

  • القول الأول: ذهب الشافعية والحنابلة وبعض المالكية والظاهريّة وجملةٌ من أهل العلم، إلى أنّ الأكمل والأفضل أن تكون العقيقة في حقّ الولد شاتين وإن ذُبح عنه واحدةٌ فتجزئ، إلّا أنّ الظاهريّة يَرون أنّ عقيقة الشاتين واجبةٌ في حقّ الولد فلو ذبح عنه شاةً لم تجزئ، واستدلّ أصحاب هذا القول بعدّة أدلةٍ، منها ما رُوي عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: "أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، أن نعقَّ عنِ الغلامِ شاتَينِ، وعنِ الجاريةِ شاةً".[٤]
  • القول الثاني: ذهب الإمام مالك إلى أنّ العقيقة تكون في حقّ الولد شاةً واحدةً، ونُقل هذا القول عن ابن عمر وأسماء بنت أبي بكر وعروة بن الزبير وغيرهم، واستدلّوا بعدة أدلة منها، ما رُوي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَقَّ عن الحسنِ والحُسينِ كبشًا كبشًا".[٥]


شروط العقيقة

اتّفق جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة على أنّ شروط العقيقة هي ذاتها شروط الأضحية، وآتيًا بيانها:[٦]

  • الشرط الأول: يشترط في العقيقة أن تكون من بهيمة الأنعام وهي: الإبل والبقر والغنم؛ فلا تصحّ العقيقة بغيرها، وهو قول جماهير أهل العلم، واستدلّوا بعدّة أدلةٍ، منها قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: "معَ الغُلامِ عقيقةٌ فأَهريقوا عنهُ دَمًا وأميطوا عنهُ الأذَى[٧] إلّا أنّ الظاهريّة يرون أنّ العقيقة محصورة في الغنم فقط ولا يجزئ غيرها من الإبل والبقر وغيره، واستدلوا بقول النّبي -صلى الله عليه وسلم-: "عنِ الغلامِ شاتانِ وعنِ الجاريةِ شاةٌ لا يضرُّكم أذُكرانًا كنَّ أم إناثًا".[٨]
  • الشرط الثاني: أن تكون العقيقة سليمةً من العيوب، وهو مذهب جمهور الفقهاء من أهل العلم، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه: "أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئِلَ عن ماذا يُتَّقى من الضحايا فقال: العرجاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا– ويروى: عرجها– والعوراءُ البَيِّنُ عورها، والمريضةُ البَيِّنُ مرضها، والعجفاءُ التي لا تَنْقَي[٩] وخالف ابن حزم فأجاز المُعيبة، ولم يشترط سلامة العقيقة من العيوب وإن كان هذا هو الأفضل.
  • الشرط الثالث: أن تبلغ العقيقة السنّ المطلوبة كما في الأضحية؛ فلا تجوز العقيقة في الغنم إلا إذا أتمّت الشاة سنةً من عمرها، وفي الإبل خمس سنين، وفي البقر سنتان، وهو قول جمهور أهل العلم.


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:2843، حسن صحيح.
  2. حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام العقيقة، صفحة 11-12. بتصرّف.
  3. حسام الدين عفانة، المفصل في أحكام العقيقة، صفحة 99-100. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2578، صحيح.
  5. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:4224، صحيح.
  6. حسام الدين عفانة، المفصل في احكام العقيقة، صفحة 76-83. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سلمان بن عامر الضبي، الصفحة أو الرقم:1515، صحيح.
  8. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أم كرز الخزاعية الكعبية، الصفحة أو الرقم:2835، صحيح.
  9. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:18675، صحيح.