حرّم الله قتل النفس البشريّة بغير حقٍّ، وشدّد على هذه الجريمة؛ فقال -عزّ وجلّ- في كتابه: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)؛[١] فالقاتل المتعمد بحسب الشريعة الإسلاميّة يعاقب في الدنيا قبل الآخرة، وهذا حدٌّ من حدود الله لا يجوز التهاون فيه؛ صيانةً للمجتمع، حفظًا لأمانه واستقراره؛ لذلك كان القصاص عقوبةً للقتل العمد إن لم يعفُ أهل المقتول عنه، وإن تمّ العفو؛ فعليه الدية، والقتل في الشريعة الإسلامية له أنواعٌ، هي: القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ،[٢] وآتيًا في هذا المقال حديثٌ عن ميراث القاتل إن كان من قتله هو مورِث له بحسب الشريعة الإسلامية؟ أو إن كان القاتل عن طريق الخطأ


قاعدة لا ميراث للقاتل

أجمع العلماء على أنّ قاتل مُورّثه عمدًا لا يرث،حتى وإن عفا الورثة عن القاتل وأسقطوا حقّهم في القصاص وقبلوا بالدية؛ فلا يشترك قاتل العمد في التركة أو الدية، وهذا بحسب إجماع أهل العلم، أمّا القاتل نفسه إن مات؛ فإنّ ماله يُورّث لورثته ولا حرج في ذلك؛ بمعنى أنّ القاتل لا يحقّ له أن يرث ممّن قتله، لكنّه يكون مورِّثًا لورثته، يرثون ماله بعد موته.[٣]


ميراث القاتل الخطأ أو غير العمد

إن الواجب في حقّ من وقع منه القتل خطًأ؛ كفارةٌ حدّدتها الشريعة، وهي على الترتيب: عتق رقبةٍ مؤمنةٍ، فإن لم يجد فيلزمه صيام شهرين متتابعين، ويلزمه كذلك سوى الكفارة أداء الدية لأهل القتيل إلّا أن تصدّقوا عليه بإسقاط الدية عنه، وذلك مصدقًا قول الله عزّ وجلّ: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)،[٤] فإن عفا أحدٌ من أهل الميّت عن نصيبه في الدية؛ فيسقط حقّه من الدية دون غيره إن طالب غيره بها، شريطة أن يكون من عفا بالغًا عاقلًا،[٥] أمّا عن إرث القاتل خطًأ من مورّثه الذي قتله؛ فقد اختلف الفقهاء في توريثه على أقوالٍ، هي:[٥]

  • القول الأوّل: ذهب الإمام مالك أنّ القاتل خطًأ لا يرث شيئًا من الدية، إلّا أنّ له الحقّ في أن يرث من تركة القتيل إن كان أحد ورثته؛ لأنّ الميراث حقٌّ ثابتٌ شرعًا، استثني منه القتل العمد بإجماع الفقهاء.
  • القول الثاني: ذهب الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ القاتل في القتل الخطأ لا يرث لا من ديّة القتيل، ولا من تركته؛ مستدلّين بعموم حديث النبيّ عليه الصلاة والسلام: "ليس للقاتلِ شيءٌ".[٦]


المراجع

  1. سورة المائدة ، آية:32
  2. "أنواع القتل وما يترتب على كل نوع من أحكام"، إسلام ويب، 14/11/2001، اطّلع عليه بتاريخ 06/12/2021. بتصرّف.
  3. "القاتل هل يرث ويورث"، اسلام ويب. بتصرّف.
  4. سورة النساء ، آية:92
  5. ^ أ ب "القاتل خطأ هل يرث"، اسلام ويب. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:4564، حسن.