يُعرّف النذر في الاصطلاح الشرعيّ بأنّه إلزام المسلم المكلف نفسه بأمرٍ لم يلزمه الشارع به،[١] وهو مشروعٌ بوجهٍ عامٍّ، ودلّت على مشروعيّته جملةٌ من الأدلة الصريحة في الكتاب والسنة، التي تدلّ على مشروعيّة النذر، منها قول الله تعالى في سورة الحج: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[٢] وقوله تعالى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا)،[٣] وآتيًا بيانٌ صيغة النذر وبعض ما يتّصل به من شروطٍ وأحكامٍ.


صيغة النذر

اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنّه لا يُشترط في النذر أن يكون على صيغةٍ معيَّنةٍ؛ فيصحّ النذر بكلّ صيغةٍ تدلّ عليه، واستدلوا جملةٍ من الأدلة منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)،[٤] فالآية دالَّةٌ على عموم وجوب الوفاء بالعقود، والنذر عقدٌ، وقد تكون صيغة النذر صريحةً؛ كأن يقول الناذر "لله علي نذرٌ" أو أن يقول: "علي نذر كذا"، وقد لا يصرح الناذر بلفظ النذر؛ كأن يقول مثلًا: "إن شافاني الله؛ فعليّ صوم شهرٍ"؛ فيكون نذرًا منعقدًا، ويلزمه الوفاء به عند وجوبه.[٥][٦]


شروط الناذر والمنذور

تنقسم شروط النذر إلى قسمين؛ منها ما يتعلّق بالناذر، ومنها ما يتعلق بالمنذور، وآتيًا بيانها.[٧]


شروط الناذر

لا بدّ أن تتوافر في الناذر جملةٌ من الشروط، ومنها:[٧]

  • أن يكون الناذر مسلمًا، فلا يصح من غير المسلم؛ لأنّه ليس أهلًا للتكليف.
  • أن يكون الناذر مختارًا، فلا يصح النذر من المُكرَه.
  • أن يكون الناذر مكلفًا، فلا يصِّح النذر من الصغير والمجنون؛ لعدم تكليفهما.


شروط المنذور

وضع الفقهاء شروطًا للمنذور منها:[٧]

  • أن يكون المنذور قربةً ليست واجبةً بغير نذرٍ، فلا يصُّح أن ينذر صوم شهر رمضان؛ لأنّه واجبٌ بغير نذرٍ.
  • أن يكون المنذور متصوَّرًا شرعًا، فلا ينبغي أن يكون المنذور مستحيلًا، كأن ينذر أن يصوم أمس مثلًا.


حكم النذر بعد وقوعه

يلزم الوفاء بالنذر متى استكمل شروطه وكان صحيحًا ولم يُعَلَّق بالمشيئة؛ لقول الله تعالى: (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم)،[٨] وقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ".[٩][١٠]


كفارة النذر

كفارة النذر هي كفارة اليمين، وتكون في الأحوال التي يجوز للناذر أن يكفّر فيها عن نذره، وكفارة اليمين ذكرت بنصٍّ صريحٍ في كتاب الله تعالى، قال تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[١١] وهي على النحو الآتي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ولا يلزم الترتيب بينها؛ فالمُكفِّر مخيَّرٌ بينها، وله أن يفعل ما يشاء، فإن عجز عنها جميعها فإنه يصوم ثلاثة أيام، ولا يجوز الانتقال إلى الصيام مباشرةً.[١٢]


المراجع

  1. "النذر: أنواعه وأحكامه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  2. سورة الحج، آية:29
  3. سورة الإنسان، آية:7
  4. سورة المائدة، آية:1
  5. "النذر: أنواعه وأحكامه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  6. "النذر بصيغةٍ معيَّنةٍ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت "النذر: أنواعه وأحكامه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  8. سورة الحج، آية:29
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:6696، صحيح.
  10. "النذر: أنواعه وأحكامه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.
  11. سورة المائدة، آية:89
  12. "النذر: أنواعه وأحكامه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/12/2021. بتصرّف.