شروط الوفاء بالنذر

الوفاء بالنّذر واجبٌ إذا استكمل شروطه وكان صحيحاً، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، ومَن نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فلا يَعْصِهِ)،[١] ونوضّح شروط الوفاء بالنّذر فيما يأتي:


أن يكون النّذر قربة لله

يُشترط أن يكون المنذور قربة لله -تعالى-، فلا نذر في الأمور المباحة التي لا يترتّب عليها ثوابٌ أو عقاب؛ كالنوم، والأكل، والشرب، ويدلّ على ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (بيْنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ، إذَا هو برَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عنْه فَقالوا: أبو إسْرَائِيلَ، نَذَرَ أنْ يَقُومَ ولَا يَقْعُدَ، ولَا يَسْتَظِلَّ، ولَا يَتَكَلَّمَ، ويَصُومَ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ولْيَسْتَظِلَّ ولْيَقْعُدْ، ولْيُتِمَّ صَوْمَهُ)،[٢] حيث أمر النبيّ هذا الرجل أن يتمّ صومه لأنه قربة لله، أما غير ذلك من الأمور المباحة كالتكلّم والوقوف دون الجلوس والاستظلال فأمره بترك ذلك.[٣]


أن لا يكون النّذر في معصية

يُشترط أن لا يكون النّذر في معصيةٍ وأمرٍ مُحرَّم؛ كمن نَذر أن يشرب الخمر أو يقتل أو يقطع رحمه، ولا يصحّ النّذر في المكروهات أيضاً؛ كنذر ترك السّنن الرواتب، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (لا نَذْرَ في مَعْصِيَةِ الله)،[٤] فهذه النّذور يحرم الوفاء بها، ولا تنعقد.[٥]


ويرى المالكية والشافعية عدم وجوب الكفارة على مَن نذَرَ نذْر معصية، لأنّه نذْرٌ لا ينعقد، وهو يُشبه في ذلك اليمين غير المنعقدة، واستدلّوا بعدّة أحاديث، بينما يرى الحنفية والحنابلة وجوب الكفّارة على نذْر المعصية، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ اليَمِينِ)،[٦] فهذا الحديث عام ويدخل فيه نذر المعصية.[٧]


أن لا يكون المنذور واجباً ابتداءً

يُشترط أن لا يكون النّذر في أمرٍ واجبٍ أصلاً؛ كمن نذر أن يُصلّي العشاء، أو إخراج زكاة ماله، ونحو ذلك من الأمور الواجبة، لأنّها فرضٌ على المسلم ابتداءً ولا تحتاج إلى نذر، وليس للنّذر بها أثرٌ جديد، وهذا فيما يتعلّق بالواجبات العينية، أما الواجبات الكفائية فيصحّ النّذر بها؛ مثل نذر تعليم المسلمين العلوم النّافعة والمهمّة في حياتهم الدنيوية، ونذر الصلاة على جنازة.[٣]


شروط أخرى تتعلّق بالنّذر

يُشترط في النّذر شروط أخرى نذكرها فيما يأتي:

  • أن لا يكون المنذور أمراً مستحيلاً؛ كنذر صيام يوم أمس.[٨]
  • التلفّظ بالنّذر وعدم الاكتفاء بالنيّة، مثل قول: "عليَّ نذر كذا"، أو: "لله عليَّ أن أفعل كذا"، ونحوها من الألفاظ التي تدلّ على النّذر.[٩]


شروط تتعلّق بالنّاذر

يُشترط أن يكون النّاذر مُكلَّفاً؛ أي بالغاً عاقلاً، فنَذر المجنون والمُكره والصبي لا يصحّ، لأنّ كلَّاً منهم ليس أهلاً للتكليف، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ المجنونِ المغلوبِ على عقلِهِ حتَّى يُفيقَ، وعنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ).[١٠][١١]



مواضيع أخرى:

أنواع النذر

شرح النذر المطلق

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6696، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6704، صحيح.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 25-26، جزء 3. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:1641، صحيح.
  5. مجموعة من المؤلفين، الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 393، جزء 1. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:1645، صحيح.
  7. "ما يَجِبُ بنَذرِ المعصيةِ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2022. بتصرّف.
  8. نجاح الحلبي، فقه العبادات على المذهب الحنفي، صفحة 139. بتصرّف.
  9. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 50، جزء 7. بتصرّف.
  10. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4401، صححه الألباني.
  11. حسن أبو الأشبال، شرح صحيح مسلم، صفحة 3، جزء 102. بتصرّف.