العقيقة هي ما يُذبح عن المولود بعد ولادته؛ شكرًا لله تعالى على نعمة ولادته، وتكون من بهيمة الأنعام، وهي من الأمور التي حثَّ عليها الشرع ورغَّب بها؛ فالحكمة منها: شكرُ المولدِ له لله تعالى على تجدّد النعمة برزق الولد، والتقرُّب إلى الله تعالى بذلك، ونفع الفقراء بما سينالهم من لحم العقيقة المذبوحة، وفيها فداءٌ عن المولود؛ فهي موروثةٌ عن فداء سيدنا إبراهيم ابنه إسماعيل بالكبش الذي ذبحه عنه، وقد فعلها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ودليل ذلك ما رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- من قوله: "عقَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن الحسنِ والحُسينِ، رضيَ اللهُ عنهما بكبشَينِ، كبشَين"،[١] واقتدى الصحابة به؛ فكانوا يعقُّون عن أولادهم، وفعله التابعون من بعدهم.


وقد ثبتت مشروعية العقيقة في كثيرٍ من الأحاديث النبويّة، منها ما يلي:

  • ما أورده الألبانيّ في صحيح أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلميّ -رضي الله عنه- أنّه قال: "كنَّا في الجاهليَّةِ إذا وُلِدَ لأحدِنا غلامٌ ذبحَ شاةً ولطخَ رأسَهُ بدمِها فلمَّا جاءَ اللَّهُ بالإسلامِ كنَّا نذبحُ شاةً ونحلقُ رأسَهُ ونلطِّخُهُ بزعفرانٍ".[٢]
  • ما أورده الألبانيّ في صحيح ابن ماجة، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "كلُّ غلامٍ مرتَهَنٌ بعقيقتِهِ تذبحُ عنْهُ يومَ السَّابعِ ويُحلَقُ رأسُهُ ويُسمَّى".[٣]


شروط العقيقة ومستحبّاتها

شروط العقيقة

يشترط في العقيقة ما يشترط للأضحية، وفيما يلي تعدادٌ وتوضيحٌ لهذه الشروط:[٤][٥]

  • السلامة من العيوب: يشترط في العقيقة أن تكون سليمةً من العيوب؛ فلا يجوز أن يُعَقَّ بالعوراء البائن عورها، ولا المريضة البيّن مرضها، ولا العرجاء البيّن عرجها، ولا العجفاء التي لا تنقي أي: الهزيلة الضعيفة جدًّا.
  • أن تكون من بهيمة الأنعام: ويقصد ببهيمة الأنعام؛ الإبل والبقر والغنم، على أن تكون ذات سنٍّ مجزئةٍ وهي في العقيقة خمس سنين للإبل، وسنتان للبقر، وسنة للمعز، وستة أشهر للضأن.
  • النيّة: يشترط في العقيقة أن ينوي صاحبها أنّها عقيقةٌ عن مولده، إلّا أنّه لا يشترط التلفّظ بالنيّة أو ذكر اسم من عُقَّ عنه.[٦]


مستحبّات العقيقة وصفتها

يُندب ويستحبّ في العقيقة أن تُذبح في اليوم السابع من ولادة المولد، وإن تأخّرت عن ذلك فلا بأس، والأصل أنّ يقوم بها الوالد من ماله، إلّا إن لم يُمكن ذلك؛ لكون الوالد متوفّى أو قصّر في أدائها، أو استأذنه أحدٌ بأداء العقيقة عنه؛ فيجوز، وأمّا عن توزيع لحمها؛ فلم يرد في السنّة النبويّة نصٌّ عن كيفيّة توزيعها، فصاحبها بالخيار كما قال الألباني: "إن شاء أكلها كلّها، وإن شاء قسمها كلّها على الفقراء والمساكين، وإن شاء أكل منها وقسمها"،[٤] أمّا صفة العقيقة؛ فالسنة في العقيقة أن تُذبح للذكر شاتان، ويجوز الذبح عنه بشاةٍ واحدةٍ لمن لم يقدر على اثنتين، وللأنثى شاةٌ واحدةٌ؛ وذلك لما رُوي في حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "عن الغُلامِ شَاتانِ مُكافَأَتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ".[٧][٨]


حكم العقيقة

اختلف العلماء في حكم العقيقة على أقوالٍ، آتيًا بيانها:[٩]

  • القول الأول: أن العقيقة سنة مؤكدة، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وجمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين.
  • القول الثاني: أنّ العقيقة واجبةٌ، وهو قول الظاهريّة وروايةٌ عن الإمام أحمد.
  • القول الثالث: ورد عن الحنفيّة رواياتٌ مختلفةٌ في حكم العقيقة؛ فقالوا في روايةٍ أنّها تطوّعٌ وهو قولٌ قريبٌ من قول الجمهور، وقالوا في روايةٍ أخرى هي مباحةٌ.

المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4230، صحيح.
  2. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:2843، حسن صحيح.
  3. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:2580، صحيح.
  4. ^ أ ب "أحكام العقيقة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  5. "شروط العقيقة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  6. "حكم التلفظ بالنية عند ذبح العقيقة"، الموقع الرسمي لسماحة الشيخ ابن باز. بتصرّف.
  7. رواه شعيب الارناؤوط، في تخريج المسند، عن عائشة ام المؤمنين، الصفحة أو الرقم:24028، صحيح لغيره.
  8. "صفة العقيقة"، اسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 7/12/2021. بتصرّف.
  9. حسام الدين عفانة، أحكام العقيقة، صفحة 21-22. بتصرّف.