علم الميراث والفرائض من موضوعات الفقه التي حدّدت نصوص البشرع أحكامها ومقاديرها في كتابه الكريم؛ فذكر الله -سبحانه وتعالى- في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم كيفيّة التعامل مع الميراث وتوزيعه على مستحقيه ضمن أسسٍ معيَّنةٍ قائمةٍ على العدل بين هؤلاء المستحقين، وآتيًا في هذا المقال بيانٌ للمسائل التي تتعلق بعلم الفرائض والمواريث.


التعريف بعلم الفرائض والمواريث

الفرائض في اللغة

الفرائض جمعٌ ومفردها فريضةٌ، ومصدرها فرض وافترض، والفريضة هي ما أوجبه الله تعالى على عباده.[١]


المواريث في اللغة

المواريث جمعٌ مفرده ميراثٌ، والميراث: ما يُورَّث، وهو تَرِكة الميِّت.[٢]


علم الفرائض والمواريث اصطلاحًا

ويعرف علم الفرائض بأنّه علم قسمة الميراث، وذهب إلى هذا التعريف الكثير منهم: الكافي، والزركشي،[٣] والميراث هو ما يتركه الميّت من مال يُقسّم على أهل المتوفّى من أصحاب الأنصبة المقدّرة شرعًا.[٤]


أركان الميراث

الركن في اللغة: رَكَّنْتُ، أُرَكِّنُ، رَكِّنْ، مصدر تَرْكِينٌ، ركُنَ الشَّخصُ: رزُن ووقُر،[٥] وأمّا الركن في الاصطلاح: هو ما يتوقف على وجوده وجود الحكم،[٦] وللميراث ثلاثةٌ أركانٍ، وهي:[٧]

  1. المورِّث: وهو الشخص المتوفّى.
  2. الوارث: وهو الشخص الذي يحصل على ما تركه المورّث.
  3. الموروث: وهو ما تركه المتوفّى من مالٍ وغيره.


شروط الإرث

الشرط في اللغة هو ما لا يتم الشيءُ إلا به، ولا يكون داخلاً في حقيقته، أمّا الشرط في الاصطلاح؛ فقد عرّفه العلماء بأنّه ما يلزم مِن عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم، ولتحقّق استحقاق الميراث، لا بدّ من توافر شروطٍ ثلاثةٍ، وهذه الشروط هي:[٧]

  • الشرط الأول: التحقّق من موت الشخص المُورِّث، أو من موته حكمًا؛ مثل الشخص المفقود، فإذا حكم القاضي بموت هذه الشخص المفقود؛ فإنّ الميراث ينتقل لمستحقيه.
  • الشرط الثاني: التحقّق من الشخص الوَارث بأنّه على قيد الحياة، أو قام القاضي بإلحاقه بالأحياء تقديرًا، مثل: ميراث الجنين.
  • الشرط الثالث: العلم بالجهة التي تستحق الحصول على الإرث، وتحديد علاقة هذه الجهة بالشخص المُورّث.


أسباب الميراث

اتّفق الفقهاء على أنّ الإرث يتوقّف على ثلاثةٍ أسبابٍ، وهي: القرابة، والزوجية، والولاء، وتفصيلها فيما يلي.[٨]

القرابة

يُقصد بالقرابة النسب، بينما أطلق مصطلح الرحم على القرابة، والمراد هنا بالقرابة أن تكون القرابة حقيقةً؛ أي أنّها تولّدت بسبب الولادة، وتتضمّن القرابة فروع المتوفّى، وأصوله، وفروع أصوله، ويتضمن الإرث بسبب القربة كلًّا من: الأولاد وأبنائهم الذكور والإناث، وكذلك الآباء وآبائهم وأمهاتهم، وكذلك الإخوة والأخوات، والأعمام وأبناؤهم الذكور فقط دون الإناث.[٨]


الزوجية

فالزوج يرث من زوجته والزوجة ترث من زوجها، ويشترط لذلك أن يكون عقد الزواج عقدًا صحيحًا، حتّى إذا لم يصاحب العقد دخولًا، وفي ما يلي حالات الإرث:[٨]

  • تحصل المرأة المطلّقة على الإرث من زوجها في حال كانت ما زالت في العدّة، وكان الطلاق طلاقًا رجعيًّا.
  • المرأة المطلقة طلاق بائنًا لا تحصل على الإرث حتى لو كانت في العدة، وتحصل على الإرث فقد إذا ثبت أنّ الزوج طلّقها فقط من أجل حرمانه من الإرث.
  • لا تحصل المرأة على الإرث إن كان عقد الزواج فاسدًا، وسبب الفساد كان مجمع عليها لدى الفقهاء، مثل: الزواج بلا شهود.
  • لا تستحقّ المرأة الإرث إذا كان عقد الزواج باطلًا، مثل: نكاح المتعة.


الولاء

الولاء هو قرابةٌ حكميَّةٌ رتّبها الشارع من العتق؛ فالولاء هو صلة السيد بمن أعتقه، وهنا رتب على حصول السيد على الإرث من عبده الذي أعتقه، ولكن بشرط ألّا يكون للعبد وارثٌ إلّا سيّده، وهذا يسمّى نسبًا حكميًّا، ودلّ على ذلك الحديث النبويّ الشريف الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "الولاءُ لُحمةٌ كلُحمةِ النَّسَبِ لا يُباعُ ولا يُوهَبُ"،[٩] فهذا يعني أنّ السيد يرث من عبده ولكنّ العبد لا يرث من سيده.[٨]


موانع الإرث

تمنع بعض الأسباب الوارث من الحصول على الورثة، ومن هذه الأسباب التي اتّفق عليها الفقهاء:[١٠]

  1. القتل: فالقاتل لا يرث وهذا السبب اتفق عليه جميع الفقهاء بعض النظر إذا كان القاتل قاصدًا القتل أم لم يقصد، ونستدل بهذا السبب من الحديث النبوي الشريفة: "ليس للقاتلِ شيءٌ، وإن لمْ يكن لهُ وارثٌ، فوارثهُ أقربُ الناسِ إليه، ولا يرثُ القاتلُ شيئًا".
  2. اختلاف الدين: المراد هنا باختلاف الدين اعتناق كلٍّ من المورِّث والوارث دينًا مختلفًا، فاختلاف ديانة كلا الطرفين يعدّ سببًا من الأسباب المانعة من الحصول على الورثة.


المراجع

  1. "تعريف و معنى فريضة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021.
  2. "تعريف و معنى ميراث في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021.
  3. ابن عثيمين، كتاب الشرح الصوتي لزاد المستقنع، صفحة 5798.
  4. مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 74. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى الركن في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021.
  6. محمد مصطفى الزحيلي، كتاب الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 404. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "أركان وشروط الإرث وأسباب الميراث"، الألوكة، 26/5/2016، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7004-7005. بتصرّف.
  9. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان ، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4950، أخرجه في صحيحه .
  10. الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7709. بتصرّف.