معنى بيع المساومة

بيع المساومة هو أحد أنواع البيوع الشائعة الآن بين التّجار، حيث يتّفق فيه البائع والمشتري على ثمن السِّلعة بغضّ النّظر عن سعرها الأصلي، فلا يُفصح البائع في المساومة عن رأس المال، ولا يُعرِّف المشتري بكم اشتراها، بغض النظر عن مقدار الربح من حيث كثرته أو قلّته أو خسارة البائع،[١] فالبائع عادةً يرغب بكتمان رأس المال، فيتراضى هو والمشتري على ثمنٍ معيّن.[٢]


حكم بيع المساومة

بيع المساومة بيعٌ جائزٌ شرعاً،[٣] بل هو أصل البيوع، وقد جرى عليه العرف في التعامل بين النّاس في البيع والشّراء، وممّا يدلّ على مشروعيّته ما أخرجه البخاري في صحيحه من قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (يا بني النجار ثامنوني بحائطكم)،[٤] وفي هذا الحديث يطلب النبيّ الكريم منهم أن يذكروا ثمناً معيَّناً لهذا الحائط على سبيل السّوْم، حتى يتراضَوْا عليه بعد ذلك.[٥]


ومن الأدلة على مشروعيّته أيضاً ما جاء عن جابر -رضي الله عنه- قال: (كنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفَرٍ فقال: ناضِحُك تبيعُنيه إذا قدِمْنا المدينةَ إنْ شاء اللهُ بدينارٍ؟ واللهُ يغفِرُ لكَ، قال: قُلْتُ: هو ناضِحُكم يا رسولَ اللهِ قال: تبيعُنيه إذا قدِمْنا المدينةَ إنْ شاء اللهُ بدينارَيْنِ، قال: قُلْتُ: ناضِحُكم يا رسولَ اللهِ فما زال يقولُ حتَّى بلَغ عِشرينَ دينارًا كلُّ ذلك يقولُ: واللهُ يغفِرُ لكَ، فلمَّا قدِمْنا المدينةَ جِئْتُ به أقودُه قُلْتُ: دونَكم ناضِحَكم يا رسولَ اللهِ قال: يا بلالُ أعطِه مِن الغنيمةِ عِشرينَ دينارًا وارجِعْ بناضحِكَ إلى أهلِكَ).[٦]


ولكن يحرم سوم المسلم على سوم أخيه، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَخْطُبُ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ، ولا يَسُومُ علَى سَوْمِ أخِيهِ)،[٧] ويعني ذلك أن يتفق البائع والمشتري على سعر سلعةٍ معينة على سبيل السّوم، ويحصل الرّكون والتراضي بينهم، ثمّ يأتي طرفٌ آخر فيعرض على البائع شراءها بثمنٍ أعلى من الثمن المتّفق عليه بين الطرفين سابقاً، كأن يقول أحدهم للبائع: أشتري منك هذه السلعة التي رضيت بيعها لفلان بسعرٍ أكثر، وهذا لا شكّ في تحريمه.[٨]


الفرق بين بيع المرابحة والمساومة

يكمن الفرق الأساسي بين بيع المرابحة وبيع المساومة في اشتراط الإخبار بثمن السّلعة الأول، ففي بيع المرابحة يُشترط أن يُخبر البائع عن ثمن السّلعة الأول، وهو مؤتمن في ذلك، ورغم أنّ البيعيْن جائزان لكنّ العديد من الفقهاء يُفضّلون بيع المساومة على بيع المرابحة، والسبب في ذلك التفضيل أخلاقي، لأنّ بيع المرابحة يتطلّب بيان العديد من الأمور التي قد لا يتيسّر للبائع ضبطها دائماً، وقد يدخل في ذلك الأهواء الشخصية، فيحتاج البائع أن يكون أميناً ويتحمّل مسؤولية أقواله.[٩]


وإذا أخلّ البائع بأداء هذا الواجب في المرابحة يلحقه الإثم، أمّا بيع المساومة فهو أيسر ويخلو من هذا الالتزام، لِذا يقول الإمام أحمد: "والمساومة عندي أسهل من بيع المرابحة، وذلك لأن بيع المرابحة تعتريه أمانة واسترسال من المشتري، ويحتاج فيه إلى تبين الحال على وجه، ولا يؤمن هوى النفس في نوع تأويل أو غلط، فيكون على خطر وغرر، وتجنب ذلك أسلم وأولى".[٩]

المراجع

  1. محمد إسماعيل المقدم، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم، صفحة 3، جزء 87. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 3601، جزء 5. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 159-160، جزء 37. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2106، صحيح.
  5. "بيع المساومة وتطبيقه في المصارف الإسلامية"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2/1/2023. بتصرّف.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:7141، أخرجه في صحيحه.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1408، صحيح.
  8. "طريقة التسعير في البيوع"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 2/1/2023. بتصرّف.
  9. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فقه المعاملات، صفحة 469، جزء 1. بتصرّف.