لما كان الزواج لأسباب إيجابية على النفس البشرية، متمثلة بحفظها وصونها، شرع الله الطلاق لحلّ العلاقات الزوجية في حال انتفاء تلك الآثار الإيجابية، ككثرة الخلافات وكدرِ العيش، وعندما يصبح من الصَّعب العيش مع الطّرف الآخر، فقد شرع الله الطّلاق لحلّ العُقدة الزّوجية بأسلم الطّرق، وبعيدًا عن المشكلات التي قد تحدث بين الزَّوجين إن لم ينفصلا عن بعضهما، وسنعرض في هذا المقال أبرز المعلومات المتعلقة بالطلاق، مع الإشارة إلى آية الطلاق مرتان.


مفهوم الطلاق

يعرَّف الطّلاق لغة بأنّه الإرسال والترك، أمَّا اصطلاحًا فهو حلُّ العُقدة الزَّوجية.[١]


مشروعية الطّلاق

من القرآن الكريم

يمكننا الاستدلال على مشروعية الطلاق من القرآن الكريم بقوله سبحانه وتعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".[٢]


من السنة النبوية

يمكننا الاستدلال على مشروعية الطلاق من السنة النبوية بما حدث مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقد روى أنَّه طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وهي حَائِضٌ، علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتي أمَرَ اللَّهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ".[٣]

أقسام الطلاق

يقسمُ الطَّلاق إلى نوعين:[٤]


1. طلاقٌ رجعيٌّ

وهو أن يطلّق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية، ويرجعها خلال فترة عدتها، ولا تشترط في الإرجاع موافقة الزَّوجة لأن الرجل هو من أراد الطلاق، وللرّجل أن يَخلو بها ويسافر معها؛ لأنّها ما زالت على ذمّته، طالما كان الإرجاع خلالَ فترة العدّة.

2. الطلاق البائن

ويقسمُ إلى نوعين:

  • بائنٌ بينونة صغرى: وهو الطّلاق الذي تشترطُ بعده موافقة الزّوجة في إرجاعها، ويكون بحاجةِ مهرٍ وعقدٍ جديدين، وكلّ ما يلزم من شروطٍ لاستيفاءِ عقدٍ جديد.
  • بائنٌ بينونة كبرى: وهو أن يطلّق الرّجل زوجته ثلاثَ طلقاتٍ، فتحرمُ عليه، ولا يمكن إرجاعها إلَّا أن تتزوّج بآخر بنيّة الزَّواج، وليس الانتفاع، وأن يطلّقها، ثم يحلُّ لزوجها السابق أن يتزوجها بعقدٍ ومهرٍ جديدين، لقوله تعالى: "فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ".[٥]


الطلاق مرتان

بناءً على ما سبق الحديثُ عنه عن الطَّلاق وأنواعه، نستنتج أنَّ للرَّجل طلقتين، يمكن له أن يردَّ زوجته بعدها، سواء أكانَ الطلاق رجعيًّا أم طلاقًا بائنًا بينونةً صغرى، أمَّا في الطّلقة الثّالثة، تحرمُ الزّوجة على زوجها، ولا يحلُّ له ردّها إلّا بشرطِ زواجها من آخر وطلاقها منه، لقوله تعالى: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".[٦]


قال جماعةٌ من المفسّرين في ذلك أنّ إمساكًا بمعروف هو تفسيرٌ لحكم الطَّلاق الرجعيّ؛ لأنّها لا زالت تحت عصمته وذمته، أمّا تسريحٌ بإحسان فهنا تفسيرٌ لحكم البائن بينونة صغرى، أي يردّها بعد انقضاءِ عدّتها، برضا وليّها وعقدٍ ومهرٍ جديدين، أمّا مشروعية الآية في حصرِ الطَّلاق بطلقتين، هو أنَّ العرب كانوا قبل الإسلام لا يَحصرون الطلاق بعددٍ، فحصرها الله عز وجل بثلاث طلقاتٍ، يحلُّ له ردّها في طلقتين، وجعل في الثالثة تحريمٌ عليه في الرَّجعة، حفظًا لمكانة الزَّواج، وعدم التّهاون بالطلاق.[٧]


وقوع الطلاق

يكون الإنسان أحيانًا في حالة غضبٍ شديدٍ، أو ربّما يذهبُ عقله، أو يكون مكرهًا ومجبرًا على لفظ الطَّلاق، فهل يقعُ طلاقُ المرء إن كان عندهُ عيبٌ من عيوب الإرادة، أو ذهاب عقله في حالة الغضب الشديد؟ يمكننا الإجابة عن هذا السؤال بأن العلماء أفتوا في ذلك أنَّ من شابته حالةُ غضبٍ شديدٍ ترافقُ بها ذهابُ عقله كالجنون، أو ساقه غضبهُ الشَّديد إلى لفظِ الطّلاق، فإنَّ طلاقه لا يقع؛ لعدمِ علمه بما تكلّم، وبيَّن العلماء أيضًا أن الرجل يجب أن يكون طلاقه بكامل إرادته، فلا يقعُ الطلاق إن كان مُكرهًا عليه.[٨]


المراجع

  1. "تعريفُ الطَّلاق"، الدرر السنية. بتصرّف.
  2. سورة البقرة ، آية:229
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5251.
  4. عبدالله الصاعدي ، الإرشاد إلى أحكام الطلاق، صفحة 14-15. بتصرّف.
  5. سورة البقرة ، آية:230
  6. سورة البقرة ، آية:229
  7. "الطلاق مرتان فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان "، الألوكة الشرعية، 5/2/2017، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2021. بتصرّف.
  8. "طلاق الغضبان والمكره "، إسلام ويب ، 22/3/2019، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2021. بتصرّف.