إن الوقف من أشكال التعاملات المالية في الإسلام، ولا يكاد يذكر الاقتصاد الإسلامي وتعاملاته وميزاته إلا ويُذكر الوقف معه، ويمكن تعريف الوقف بأنه تخصيص المنفعة الناتجة عن ملكية ثابتة لإنفاقها على وجه من أوجه البر والنفع، وهذا يحول دون التصرف في الملكية الموقوفة ببيع أو رهن، وبطبيعة الأمر توجد مجموعة من الشروط التي يجب توافرها في الوقف ليكون صحيحًا ومقبولًا، ومن الضروري على أي مسلم يريد الوقف الاطلاع عليها؛ كي لا يضيع أجره دون علمه، لذلك سنعرض في هذا المقال الشروط العشرة في الوقف.[١]


شروط الوقف العشرة

1. أن يكون الواقف ممن يجوز له التصرف بأملاكه

وهذا يعني أن من يريد أن يقف شيئًا من أملاكه لله عز وجل يجب أن يكون بالغًا راشدًا عاقلًا؛ فلا يصح الوقف من صغير أو سفيه، إذ إن الوقف هو قرار يتخذه المسلم ويؤثر على أملاكه، لذلك يجب اتخاذ هذا القرار بكامل الوعي والإرادة.[١]


2. أن يكون الواقف مالكًا لما يريد وقفه ملكًا كاملًا

فلا يصح وقف الأملاك العامة، كما لا يصح وقف شيء ملكيته مشتركة مع أحد، كأن يقف أحد أرضًا ورثها هو وإخوته عن أبيه، إذ يجب أن يكون الواقف مالكًا لما يريد وقفه ملكًا كاملًا تامًّا.[٢]


3. أن تكون المنفعة من الموقوف مستمرة

إذ يشترط أن تترتب على الموقوف منفعة مستمرة لا تنتهي، كوقف مسجد ينفع في الصلاة، أو وقف مدرسة تفيد طلاب العلم، ولا يصح أن يكون الموقوف من الأشياء التي تنتهي المنفعة منها بانتهائها كالطعام.[١]


4. أن يكون الموقوف محددًا

إذ يجب أن يحدد الواقف ما يريد وقفه فلا يجوز أن يقول وقت أحد بيوتي أو إحدى مزارعي، بل يجب أن يسمي ذلك البيت أو تلك المزرعة، وذلك لتجنب تغيير الموقوف الذي حدده في ذهنه منذ البداية.[١]


5. أن يكون الوقف في وجوه الخير والبر

فلا يجوز وقف ما فيه معصية أو أمر محرم ومخالف للشريعة الإسلامية؛ كمكان بيع الخمور، أو دور العبادة لغير المسلمين، وإن العلة في ذلك أن هذا الأمر يتنافى مع الحكمة من مشروعية الوقف والأصل فيه وهو نشر الخير والإفادة ومساعدة المحتاجين بما هو مباح.[٣]


6. أن يكون الموقوف عليه مما يمكنه التملك

وهذا الشرط مربوط بتحديد الواقف للموقوف عليه، كأن يقف ملكًا لشخص أو جهة، فلا يجوز الوقف على من لا يمكنه التملك كالحيوانات أو الأموات، بل يجب أن يكون على من يمكنه التملك من الأحياء؛ إذ إن الوقف تمليك ولا يجوز التمليك لمن لا يملك.[٣]


7. أن لا يكون الوقف معلقًا ولا مشروطًا ولا مؤقتًا

فلا يجوز أن يقول الواقف إذا حصل كذا سأقف كذا، كما لا يجوز أن يقيد الوقف بمدة كسنتين مثلًا، إذ إن الوقف نقل تام للملكية بما لا يجعل للواقف حق التصرف فيها، ويستثنى من هذا الشرط أن يعلق الواقف الوقف بموته، كأن يقول: (إذا مت فبيتي وقف للفقراء)، ونستدل على ذلك بما ورد في وصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ إنه علّق وقف أرض له على موته، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الوقف المعلق على الموت يكون الحد الأعلى له ثلث المال؛ لأنه يخضع لحكم الوصية.[١]


8. أن لا يشترط الواقف شرطًا مخالفًا

يشترط في صحة الوقف ألا يشترط الواقف أي شرط يتنافى مع شروط الوقف ويبطل صحته، كأن يشترط بيعه بعد مدة أو هبته؛ لأن في ذلك مخالفة صريحة لشروط صحة الوقف، كما أن فيه تعارض مع أصل الوقف والعلة منه.[٣]


9. قول أو فعل ما يدل على انعقاد الوقف

لا يكون الوقف تامًّا بالنية فقط، بل يجب قول ما يدل على الوقف مثل وقفت كذا أو تصدقت بكذا، ويمكن أن يكون الوقف ساريًا دون قول وذلك بفعل ما يدل على وقفه كالسماح للفقراء بالانتفاع منه أو بدء الإفادة منه، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الألفاظ التي ينعقد بها الوقف قد تكون ألفاظًا صريحة مثل وقفت، وقد تكون ألفاظ كناية مثل تصدقت، ومن تلفظ بأي منها بشرط نية الوقف أو بدأ بالإفادة من الوقف مع استحضار النية يكون وقفه صحيحًا.[١]


10. توفر الأركان الأربعة للوقف

لا يتم أي أمر إلا بتمام أركانها جميعها، فلا يتم إسلام أحد إلا إذا أتى بأركان الإسلام الخمسة أو سعى إلى ذلك، كذلك الأمر بالنسبة للوقف، فله أركان أربعة يجب توفرها جميعها ليكون الوقف صحيحًا ومقبولًا؛ وهي الواقف، والموقوف، والموقوف عليه، والصيغة، ويظهر معنى كل ركن منها فيما سبق من أجزاء المقال.[٢]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "أحكام الوقف"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الفقه الإسلامي/شروط الوقف:/i582&d920063&c&p1 "حكم الوقف"، نداء الإيمان. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "شروط الوقف المعتبرة لصحته"، إسلام ويب. بتصرّف.