ما هو ريع الوقف؟

إن للوقف أثرًا كبيرًا على الحياة الإنسانية والاقتصادية، إذ إن له دورًا كبيرًا في عملية الاستثمار التي تعود على المجتمع بالفائدة، وإن استثمار الوقف يحقق ريعًا يفيد في سد بعض الحاجات الإنسانية لفئة معينة من طبقات المجتمع، وسنخصص مقالنا هذا لذكر بعض الأمور المتعلقة بريع الوقف؛ من تعريفه، وتفاصيل قسمته، وصرف ريعه.

ما هو ريع الوقف؟

الرَّيْع في اللغة هو الزيادة والنماء في الأشياء،^[١] والمقصود بريع الوقف اصطلاحًا هو الناتج أو الغلة التي يُحصل عليها من استثمار الوقف.^[٢]

صفة قسمة ريع الوقف

توجد بعض الأمور التي تجب مراعاتها عند قسمة ريع الوقف، وفيما يلي توضيح لهذه الأمور مع الإشارة إلى أن أي أمر مخالف للشرع في قسمة ريع الوقف لا يجوز تنفيذه مثل تخصيص الوقف للأبناء الذكور دون الإناث:^[٣]

1. إذا وقف الإنسان على جماعة، وكانت هذه الجماعة قابلة للحصر والعد، يكون من الواجب المساواة بينهم في توزيع الريع، وفي حال كان ذلك غير ممكن يجوز التفضيل بينهم وجعل ريع الوقف مقتصرًا على الأحوج منهم.
2. إذا كان الوقف للأبناء ثم للمساكين، فيكون بالتساوي بين الأبناء من الذكور والإناث، وإذا كان بعض الأبناء لديهم عيال أو مصابين بمرض أو محتاجين أو عاجزين عن العمل والكسب فلا بأس من تخصيص جزء من الوقف لهم.
3. يجب العمل بما اشترطه الواقف من ترتيب وتقديم وتأخير في توزيع الريع، وذلك إذا لم يكن شرط الواقف مخالفًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وفي حال لم يضع الواقف شرطًا فإنه يُعمل بالعادات والعرف في المجتمع بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.

صرف ريع الوقف في المصالح العامة

يجوز صرف وإنفاق ريع الوقف على المصلحة العامة في حال لم يحدد الواقف أو يشترط جهة لإنفاق ريع الوقف عليها، أما إذا حدد الواقف جهة إنفاق ريع الوقف فلا يجوز إنفاق ريع هذا الوقف على المصلحة العامة، بل يجب إنفاق الريع على الجهة التي حددها الواقف، وهذا قرار المجمع الفقهي الإسلامي.^[٤]

استثمار أصل الوقف وريعه

أجاز مجمع الفقه الإسلامي استثمار الوقف سواء أكان الاستثمار في أصله أم في ريعه، ويمكننا أن نعلل هذا الأمر بما يأتي:^[٥]

1. إن حفظ الأموال وتنميتها يعد مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يتحقق حفظها وتنميتها إلا من خلال استثمارها، لذلك كان الاستثمار جائزًا بشرط تحقيق المصلحة لأصل الوقف.
2. لا يمكن للوقف أن يكون مستمرًّا في حال عدم استثماره، ولا يمكن الانتفاع من ريعه في حال عدم استمراره، وعليه فإن الوقف لا يستمر إلا بالاستثمار، لذلك كان الاستثمار في الوقف جائزًا بل مطلوبًا.

أنواع تأصيل ريع الوقف

تتعدد الأصول من ريع الوقف، وتنقسم هذه الأصول إلى عدة أنواع سنأتي على ذكرها وتوضيحها فيما يلي:^[٦]

1. إعمار أصل الوقف من الريع

وهو الإنفاق على الأصل الموقوف من ريع الوقف وذلك لإصلاحه وصيانته كي يؤدي الوظيفة التي أعد لأجلها، إذ إن حدوث خلل في العين الموقوفة يؤدي إلى فقدان الغلة أو الناتج من هذا الوقف.

2. البناء والغرس في أصل الوقف من الريع

وهو الإنفاق من ريع الوقف في بناء أصول جديدة مثل بناء أبنية أو غرس أشجار للوقف القائم، ويحصل الوقف القائم من هذه الإضافات على فائدة تحقق مصلحة لهذا الوقف، مثل بناء منزل لإمام المسجد، أو بناء محلات أو مخازن على أرض المسجد لتأجيرها وإنفاق الريع الناتج عن هذا التأجير على حاجات المسجد أو رواتب للموظفين في هذا المسجد.

3. إنشاء وقف جديد من ريع وقف قائم

وهو شراء أصل جديد من ريع الوقف لضمه إلى الوقف سواء أكان هذا الأصل مختلفًا عن الوقف القائم أو قريبًا أو بعيدًا أو على الأرض نفسها.

الضوابط العامة لتأصيل ريع الوقف

يوجد ضابطان لتأصيل ريع الوقف، وهما:^[٧]

1. اتباع شروط الواقف في تأصيل ريع الوقف

أجاز الفقهاء جميعهم اتباع مراعاة الشروط التي يضعها الواقف على وقفه ما لم تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ضمن هذه الشروط التي يمكن أن يضعها الواقف هو تحديد الجهات المستحقة للريع من هذا الوقف وكيفية إنفاقها عليهم، كما أن للواقف الحق في تحديد ناظر للوقف، ويجب اتباع شروط الواقف في صيانة الوقف أو تأصيل مبنًى جديد أو غرس أشجار وغيرها من الشروط التي يبيحها الشارع.

2. مراعاة مصلحة الوقف في تأصيل ريع الوقف

وقد ذكر الفقهاء وجوب مراعاة مصلحة الوقف عند إنفاق ريعه، ويجوز لناظر الوقف تأجير عين الموقف إذا كانت في هذا التأجير مصلحة تعود على الوقف بالفائدة وغيرها من الأمور.