ما هو الإيلاء؟

الإيلاء في اللغة هو اليمين أو الحلف مطلقاً؛[١]سواء حلف على فعل شيء أو على تركه، وهو مصدر من الفعل آلى يؤلي إيلاءً وأليّة، والأليّة هي اليمين، ومنه قول الله -تعالى-: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى.)؛[٢] لا يأتل أي لا يحلف، ويقال آلى الرجل من امرأته إيلاءً؛ أي حلف ألا يجامعها.[٣]


والإيلاء في الشرع هو أن يحلف الرجل الامتناع عن وطء زوجته ومجامعتها مطلقاً أو أكثر من أربعة أشهر، وأصل الإيلاء قول الله -تعالى-: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٤]فلا يقرب زوجته، ولا يعاملها معاملة الأزواج أكثر من أربعة أشهر، كأن يقول لها: والله لا أجامعك، أو والله لا أقاربك، ونحوه من هذه الألفاظ.[٣]


حكم الإيلاء ومدّته

اتفق الفقهاء على حرمة الإيلاء إن لم يكن لحاجة؛ لِما فيه من إلحاق الضرر بالزوجة، ولأن الزوج قد حلف على ترك شيء واجب عليه، وقد كان الإيلاء طلاقاً في الجاهلية، حيث كانت العرب في الجاهلية تستخدمه بقصد الإضرار بالزوجة، فيحلف على عدم الاقتراب منها مدة السنة فأكثر، ثم جاء الإسلام وغيّر حكمه إلى يمين ينتهي بمدة أربعة أشهر.[٥][٦]


فإن المسلم إن آلى من زوجته وجب عليه أن ينتظر أربعة أشهر، ثم يؤمر الزوج بالرجوع عن يمينه أو أن يطلّق، فإما أن يرجع عما حلف عليه، ويعود في هذه المدة أو في آخرها ويجامع زوجته، وإما أن يبقى على يمينه ويمتنع عن الاقتراب منها ويطلقّها، وقد أبقى الله -عزّ وجلّ- أصل الإيلاء؛ لأنه قد يحتاج الزوج إليه لهجر زوجته بقصد تأديبها، وحدّده بمدة أربعة أشهر؛ وألزمه بعد الانتهاء من هذه المدة إما أن يعود أو يطلق؛ لرفع الضرر.[٧][٨]


ما يترتب على انعقاد الإيلاء

يحق للزوجة أن تطالب زوجها بالفيء وهو الرجوع عن يمينه وحصول الجماع، أو الطلاق، وآتياً بيان الآثار المترتبة على كل واحد منهما:[٩]


الفيء

إذا رجع الزوج عن يمينه وعاد إلى معاشرة زوجته خلال مدة الإيلاء سقط الإيلاء بالإجماع، قال -تعالى-: (فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)،[٤] ووجبت عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، على التخيير بين هذه الأمور الثلاثة، فإن لم يجد وجب عليه صيام ثلاثة أيام، قال -تعالى-: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ..).[١٠][٩]


الطلاق

إن امتنع الزوج عن الرجوع وأبى أن يرجع عن يمينه لزمه أن يطلقها، قال -تعالى-: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[١١][٩] وقد تعددت آراء الفقهاء في نوع الفرقة بسبب الإيلاء على ثلاثة آراء، وهي:[١٢]

  • المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا أنه يقع طلاقاً رجعياً، إن لم يكن الزوج قد استكمل عدد الطلقات، سواء أوقع الزوج الطلاق بنفسه أو طلّقها الحاكم.
  • الحنفية وقول الإمام أبي ثور: قالوا أنه يقع طلاقاً بائناً.
  • رواية عند الحنابلة: قالوا أنه يقع طلاقاً رجعياً إن أوقعه الزوج بنفسه، ويقع طلاقاً بائناً إن طلقها الحاكم.



مواضيع أخرى:

ما معنى الظهار؟

الطلاق وكل ما يتعلق به


المراجع

  1. "المَبحثُ الأوَّلُ: تعريفُ الإيلاءِ"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2022. بتصرّف.
  2. سورة النور، آية:22
  3. ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 407. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة البقرة، آية:226
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7069-7070. بتصرّف.
  6. محمد عبد اللطيف قندبل، فقه النكاح والفرائض، صفحة 256. بتصرّف.
  7. أحمد علي طه ريان، فقه الأسرة، صفحة 257. بتصرّف.
  8. "حكم الإيلاء من الزوجة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24/10/2022. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت محمد عبد اللطيف قنديل، فقه النكاح الفرائض، صفحة 259-260. بتصرّف.
  10. سورة المائدة، آية:89
  11. سورة البقرة، آية:227
  12. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 121. بتصرّف.