إن التواضع معاكس للكبر، إذ إن الكبر داء ودواؤه التواضع، لذلك يجب على المسلم أن يطهر قلبه من الكبر من خلال التواضع، فالمتكبر يتصف بصفة يكرهها الله عز وجل لعباده، وبالتالي فإنها توجب العقاب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْر"،[١] فالعبد مطالب بأن يكون متواضعًا، وأن يبتعد عن الكبر لأنه سيؤدي به إلى الهاوية، بينما يرفعه التواضع درجات ودرجات، فمن خلال التواضع يطهر المسلم نفسه، ويكتسب صفة المودة والرحمة، فالتواضع من أجمل النعم التي أنعم بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان، وفي مقالنا هذا سنتعرف على بعض الأمور التي تساعدنا على الاتصاف بخلق التواضع.


كيف تكون متواضعًا؟

يمكن للساعي إلى التخلق بخلق التواضع أن يستعين بما يأتي:[٢]

  1. قبول الحق أيًّا كان مصدره: فالمتواضع يقبل الحق حتى وإن من الأشخاص الأقل منه في المكانة.
  2. احترام الناس: فالمتواضع يحترم الناس ويقدرهم ويحفظ مكانتهم فلا يقلل من شأن أي أحد.
  3. الرجوع عن الخطأ: فالمتواضع إذا وقع في الخطأ يعود عنه ولا يتمسك به، بل إنه يشكر من نبهه إلى هذا الخطأ.
  4. عدم إسناد الفضل إلى النفس: فالمتواضع إذا ساعد أحدًا وأفاده من مساعدته لا يقول هذا بفضلي، بل إنه يرد الفضل إلى الله تعالى.
  5. عدم السعي إلى الشهرة: فالمتواضع لا يكون هدفه من التواضع أن يكتسب الشهرة، كما أنه لا يستغل المجالس لإبراز تواضعه.
  6. عدم الاهتمام بتبجيل الناس: فالمتواضع لا يحب أن يقف له الناس عندما يأتي أو عندما يرونه.
  7. تولي المسؤوليات الشخصية دون مساعدة: فالمتواضع مثلًا يحمل أغراضه بنفسه ولا يطل من أحد أن يساعده في ذلك.
  8. عدم التفاخر بالملبس والمظهر: فالمتواضع لا ينكر على نفسه أو غيره ارتداء الثياب متوسطة السعر أو قليلة السعر.
  9. عدم طلب الثناء من الناس: فالتواضع يكون متواضعًا من أجل إرضاء الله سبحانه وتعالى، وليس من أجل الحصول على ثناء الناس وحمدهم.
  10. عدم طلب العلو على الخلق: فالمتواضع لا يسعى إلى أن يكون أعلى من غيره، ولا ينظر إلى المناصب ويتنافس عليها من أجل الحصول على اللقب وغيره من الأهداف التي يسعى الناس إلى الحصول على المناصب لتحقيقها، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مشيرًا إلى ذلك: "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ".[٣]
  11. إجابة دعوة الفقير: فالمتواضع يجيب دعوة الفقراء إذا طلبوا منه الحضور إلى وليمة أو مناسبة، فهو لا يستعلي عليهم بل يرى نفسه أقرب إليهم لصفاء نفوسهم في الغالب.
  12. تجنب أي مظهر أو سلوك فيه استعلاء وكبر: فالمتواضع لا يرضى أن يمشي أحد ممن هم معه خلفه، كما أنه لا يرضى أن يكون راكبًا ومن معه يمشون على أرجلهم.


ثمرات التواضع

يعد التواضع خلقًا من الأخلاق الإسلامية التي لها فضل كبير وأثر عظيم على النفس في الدنيا والآخرة، فمن تواضع سيحصل على تلك الثمار التي تترتب على التخلق بالتواضع، ومن الجدير بالذكر هنا أن بعض تلك الثمار يرى المسلم أثرها في الدنيا، وبعضها يُدخَر إلى الآخرة، وفيما يأتي ذكر لبعض ثمرات التواضع:[٤]

  1. نيل شرف التخلق بواحد من أخلاق الإسلام.
  2. كسب رضا الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة.
  3. التمتع بنعمة التواضع التي أنعم الله عز وجل بها.
  4. الوصول إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
  5. التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
  6. حصول البركة في الحياة والمال والعيال.
  7. الإبعاد عن العذاب يوم القيامة وعن الفزع الأكبر.
  8. الفوز بحسن الخاتمة بإذن الله تعالى.


التواضع في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

توجد الكثير من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة التي حثت على خلق التواضع، ومنها ما يلي:

  • قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"،[٥] وقد جاءت هذه الآية في وصف عباد الرحمن، وكانت أول صفة مذكورة لهم هي صفة التواضع الواردة في الآية المبينة، وإن في ذكر التواضع أولًا في تعداد صفات عباد الرحمن دليل على أهمية التواضع بوصفه خلقًا أساسيًّا للمسلم تنتج عنه الكثير من الأخلاق الأخرى، كما أنه يعين على التخلق بالكثير من الأخلاق والصفات الحسنة؛ كالترفع عن الجدال.
  • قال الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته: "إنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ علَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ علَى أَحَدٍ"،[٦] وقد أوصى صلى الله عليه وسلم بالتواضع في هذا الحديث؛ وذلك تجنبًا للمفاخرة، والاعتداء على الحقوق، اللذين ينتجان عن التكبر وعدم التواضع.[٧]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:91.
  2. "كيف أكون متواضعا "، إسلام ويب، 12/10/2004، اطّلع عليه بتاريخ 21/9/2021. بتصرّف.
  3. سورة القصص، آية:83
  4. "فضل التواضع "، طريق الإسلام، 19/5/2014، اطّلع عليه بتاريخ 21/9/2021. بتصرّف.
  5. سورة الفرقان، آية:63
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عياض بن حمار، الصفحة أو الرقم:2865.
  7. "من حديث (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد)"، ابن باز. بتصرّف.