إن منزلة الأم العالية ومكانتها المرتفعة من المسلّمات التي يدركها الجميع، كما أن اعتناء الإسلام بتلك المكانة يكاد يكون أمرًا بديهيًّا أيضًا، فأغلبنا يعرف الحديث الذي يرفع مكانة الأم حتى على الأب، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه فيما روى: "جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ" [١]، ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن البعض يخلط بين بر الأم وطاعتها المطلقة؛ وذلك لقداسة منزلتها في الدين والمجتمع، وسنخصص هذا المقال للحديث عن معنى طاعة الأم وما هي حدودها وكيف يمكن تطبيقها للمساعدة في الوصول إلى مفهوم الطاعة والبر الحقيقيين. [٢]


1. حب الأم وتقديرها

إن الحديث عن طاعة الأم دون الحديث عن حبها وتقديرها أمر غير ممكن؛ وذلك لأن طاعة الأم في الأصل تأتي من حبها الشديد، وإن كل من يسأل عن طاعة الأم فهو بالتأكيد يشعر بالحب قبل أن يلتزم بالطاعة، فالحب هو الخطوة الأولى وحجر الأساس الذي تأتي الطاعة بعده وتنتج عنه، ولما كان الحب كذلك كان لا بد من إدراجه كأول خطوة في كيفية طاعة الأم، ومن الجدير بالذكر أن حب الأم فطرة في نفس الإنسان، كيف لا وهي المهتمة دون مقابل والمحبة دون شرط. [٣]


2. رعايتها ومساعدتها

من أهم أشكال طاعة الأم الاهتمام بحاجاتها ومساعدتها في المهام المنزلية أو الأمور الشخصية، وقد وردت في ذلك وصية قرآنية من الله عز وجل في قوله: "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا" [٤]، وكأن الوصية بالإحسان جاءت ردًّا لجميل الأم على تعبها في الحمل والولادة والتربية. [٣]


3. تجنب أذيتها بالقول أو الفعل

لا تقتصر طاعة الأم على فعل أو قول ما تريده أو ما تحبه، بل تشمل تجنب ما يؤذيها من قول أو فعل، وقد جاء ذلك بأمر رباني في قوله تعالى: "فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" [٥]، ومن الضروري أن يحرص المسلم على الانتباه إلى هذه النقطة، خصوصًا وأن الأم قد لا تعبر عما يزعجها أو قد تغفر لابنها في اللحظة نفسها. [٣]


4. الإنفاق عليها عند الحاجة

في حال عدم وجود مصدر دخل مخصص للأم فإن النفقة عليها وتأمين حاجاتها من واجبات الأبناء، وهو في هذه الحالة من أهم أشكال الطاعة حتى وإن لم تطلب الأم حاجاتها بشكل صريح، فإن تفقد حاجاتها من واجبات الأبناء. [٣]


5. طاعتها بالمعروف

يشترط في طاعة الأم أن تأمر بأمر مباح لا معصية فيه، وتجب طاعة الأم في حال أمرها بمباح لا يضر الابن، ومن الضروري الانتباه إلى عدم وجوب طاعة الأم في أمر يضر الابن كاختيار الزوجة أو التخصص الدراسي أو ما شابه، وهذا مما قد يظن الأبناء أن طاعتها فيه واجبة لكن طاعة الأم في الحقيقة لا تجب في أمر مباح لكنه يؤثر في مستقبل الابن أو يخالف إرادته. [٦]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:5971.
  2. "فضل بر الوالدين"، طريق الإسلام. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "حق أمي عليّ وحقي على أمي ومدى استقلاليتي"، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.
  4. سورة الأحقاف، آية:15
  5. سورة الإسراء، آية:23
  6. "ضوابط وجوب طاعة الوالدين"، إسلام ويب. بتصرّف.