صفة التكبر

إن التكبر من المهلكات التي قد يقع المسلم في شباكها، وإن إزالة هذه الصفة ورفعها عن النفس فرض عين، ومن الضروري أن نشير إلى أن التكبر لا يزول بالتمني، بل يجب السعي نحو معالجته، وقد حذر الدين الإسلامي من التكبر ومن العاقبة التي سينالها المتكبر، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"،^[١] فالمتكبر مصيره في النهاية نار جهنم، والله سبحانه وتعالى لا يحب المتكبرين، كما أن الدين الإسلامي حث على التواضع وهو معاكس لصفة التكبر، وفي مقالنا هذا سنتحدث عن التكبر وعن بعض الأمور المتعلقة به.

تعريف التكبر

يعرف التكبر في اللغة بأنه التجبر والتعظم،^[٢] أما في الاصطلاح فالتكبر هي حالة يرى فيها الإنسان نفسه أفضل من غيره، ويزيد إعجابه بنفسه، ويرى نفسه أنه أكبر من الكل.^[٣]

درجات التكبر

تنقسم آفة التكبر إلى ثلاث درجات، وفي ما يلي ذكر لهذه الدرجات وتوضيح لها:^[٤]

1. أن يستقر الكبر في قلب الإنسان، ويرى نفسه أفضل من غيره على الرغم من أنه يتواضع ويجتهد في التواضع، ويكون التكبر في هذه الحالة كالشجرة المزروعة في قلب الإنسان لكن أغصانها مقطوعة.
2. أن يُظهر الشخص للآخرين بتصرفاته وأفعاله أنه مترفع عن مجالستهم ومتقدم عن غيره، ليظهر الكبر في سلوكه.
3. أن يظهر الكبر في لسان الشخص، ويظهر ذلك من خلال التفاخر والتباهي وتزكية النفس.

آثار التكبر

للتكبر آثار عديدة مترتبة عليه، ومن هذه الآثار ما يلي:^[٥]

1. يُحرَم الشخص المتكبر من النظر في الكون والاعتبار، وهذا يعد أهم أثر ينعكس على الإنسان المتكبر، إذ إنه ينحرم من الاطلاع على عيوبه وأخطائه نتيجة لتكبره، فهذا سيكون غارقًا في الحياة الدنيا دون الانتباه لنفسه، وبالتالي سيؤدي به ذلك إلى الخسران والهلاك.
2. يتولد شعور القلق والاضطراب لدى الشخص المتكبر؛ وذلك لأنه دائمًا يرغب بأن يطيع الناس أوامره، ويحب أن يشبع رغبته بالترفع والتعالي، وعليه فإنه يبقى قلقًا من إشباع هذه الرغبة خصوصًا إذا لم يفعل الناس ما يريده.
3. ينشغل الشخص المتكبر بنفسه عن معرفة الله سبحانه وتعالى، وهو بذلك يكون بعيدًا عن ذكر الله سبحانه وتعالى.
4. يبقى الشخص المتكبر على عيوبه ونواقصه التي يعاني منها، وذلك لأنه يعتقد أنه كامل لا عيب فيه، وبالتالي فإنه لا يرى عيوبه.
5. يترفّع المتكبر عن تقبل النصح والإرشاد من الآخرين؛ لأنه يرى نفسه أفضل من الناس على الرغم من حاجته إلى الإرشاد والنصح والتوجيه.
6. يحرم الشخص المتكبر نفسه من الجنة بسبب الأفعال التي يرتكبها نتيجة تكبره، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى دخوله النار واستحقاق العذاب، لأنه بسبب تكبره قد يتكبر على مقام الألوهية.
7. يشعر المتكبر بالعزلة لأن الناس سوف تنفر منه، إذ إن القلوب فُطرت على الميل للنفس التي تبادلنا الود، وهذه الصفة غير موجودة في المتكبر.
8. يُحرَم المتكبر من العون والمساعدة والتأييد الإلهي، وإن صفة التكبر هي الصفة التي اتصف بها إبليس عندما أمر الله جميع الملائكة أن تسجد لآدم فسجد الجميع إلا إبليس تكبر عن ذلك.
9. يستحق من يتكبر غضب الله عليه ولعنته وعذابه وسخطه.

كيفية علاج الكبر واكتساب التواضع

دون شك يجب على كل إنسان مسلم أن يبتعد عن التكبر ويسعى إلى التواضع، إذ إن للمتواضع درجات رفيعة عند الله سبحانه وتعالى، كما أن من يتكبر فإنه يعرض نفسه للخطر المتمثل بالهلاك وعذاب الله سبحانه وتعالى، ومن يعاني من التكبر لا بد من أن يعالج نفسه، ويكون ذلك من خلال بعض الأمور التي سنذكرها فيما يلي:^[٦]

1. أن يتذكر عظمة الله سبحانه وتعالى.
2. أن يعلم ويتيقن بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي أعطاه النعم من مال ووظيفة وجاه، فالله هو الذي أعطى وهو الذي يأخذ، لذلك يجب عليه أن يشكر الله على هذه النعم بالابتعاد عن التكبر والتقرب من التواضع.
3. أن يدرك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي من عليه بالجمال.
4. أن يتذكر أن الله سبحانه وتعالى خلقه من نطفة ضعيفة من ماء مهين.
5. أن يتذكر أن التكبر سيجعله منبوذًا من الآخرين.

حقائق عن التكبر

تحت هذا العنوان سنذكر بعض الأمور العامة التي لها علاقة بالتكبر ومنها ما يلي:^[٧]

1. تعد صفة التكبر أول معصية عُصي بها الله سبحانه وتعالى، وكانت من إبليس بعدم سجوده لسيدنا آدم عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسجود له.
2. يعد التكبر الصفة الأساسية التي تؤدي إلى التفرقة والبغضاء بين الناس.
3. يعد التكبر سببًا لتعذيب الأمم السابقة التي عصت الله سبحانه وتعالى وتكبرت على الإيمان به.