التّزاوج سنّة من سنن الله في خلقه، وآيةٌ من آياته، وقد جُعِل في أساسها المودَّة والمحبة والاستقرار، كما قال الله سبحانه وتعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"،[١] إذ خلق الله لنا من أنفسنا أزواجًا لأجلنا، لما في ذلك من مودةٍ وسكينةٍ ورحمةٍ، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج، ويمكننا أن نعزو ذلك الحث بما في الزواج من حفظٍ للنّفس وصونها وإعفافها عن كل ما هو سخطٌ لله واتباعٌ للشّهوات والملذات المحرّمة، وأيضًا لما في الزواج من بناء للذّات وإكمال للعقل والدين، كما أن للزّواج أثرًا إيجابيًّا على النفس والمجتمع، وفيه صلاح في بناء الأسرة والمجتمع.

شروط فاسدة في عقد النكاح

تنقسم الشروط الفاسدة في عقد النكاح إلى قسمين، وفيما يأتي تفصيل لهما:[٢]


1. شروط فاسدة تبطل عقد النكاح

فيما يأتي عرض للشروط المفسدة لعقد النكاح، والتي لا يكون العقد صحيحًا بسببها:

  • أن يكونَ نكاح شغار: كأن يزوّج رجلٌ أخته أو ابنته، أو غيرهنَّ ممّن هو وليّ عليهنّ، على أن يتزوّج من ابنةِ أو أختِ الزّوج الأوّل، فهذا نكاحٌ فاسدٌ ومحرمٌ، حتى لو اجتمعت فيه كل شروط العقد الصحيح.
  • أن يكون نكاح محلل: وذلك بأن يتزوّج الرّجل امرأة مطلّقة ثلاثَ طلقاتٍ بهدف تحليلها لزوجها الأوّل، سواء أكان ذلك بأن ينوي تحليلها، أو بأن يتّفق مع الزوج الأول على ذلك قبل العقد، ومن فعل ذلك فهو ملعونٌ، وزواجه محرّم.
  • أن يكون نكاح متعة: وهو الزّواج الذي يُرتهن بمدّة زمنيّة، سواء أكانت مكتوبةً أو مقصودةً، فيتزوّجها لأسبوعٍ أو يومٍ أو شهر، ويدفعُ لها مهرًا، فإذا انتهت المدة فارقها.


2. شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح

فيما يأتي عرض للشروط الفاسدة التي لا يجب تنفيذها عند اشتراطها في عقد النكاح، لكنها في الوقت نفسه لا تفسد العقد:

  • اشتراط إسقاط حق من حقوق المرأة: كأن يشترط الزوج ألا يعطي الزوجة مهرًا، أو ألا يعطيها نفقة، أو ألا يعدل بينها وبين ضرتها، أو أن تشترط ازوجة طلاق ضرتها، وفي هذه الحالة يكون النكاح صحيحًا ولكن الشرط باطل ولا يجوز تنفيذه.
  • اشتراط وجود أمر في الزوجة مع تبين عكسه: إذا اشترط الزوج أن تكون الزوجة مسلمة وتبين أنها كتابية، أو إذا اشترط أن تكون بكرًا وكانت ثيبًا وغيرها من الشروط التي لا تفسخ عقد النكاح، فيكون النكاح صحيحًا ويجوز الفسخ.


شروط صحة عقد النكاح

لعقد النكاح شروط لا يكون العقد صحيحًا إلا بها، ويجب على الفرد المسلم الانتباه إليها، والحرص على وجودها في العقد؛ إذ إن عدم وجودها يجعلُ الزواج باطلًا أو محرمًا، وفيما يأتي عرض لشروط صحة عقد النكاح:[٣]


1. تحديد الزوجين

إذ يجب تحديد هوية كل من الزوج والزوجة في عقد النكاح بكل وضوح، فلا يجوز عقد النكاح بصفةٍ مجهولةٍ دون تعيينٍ واضحٍ وصريحٍ لشخص الزّوجين، كأن يقول مثلًا: أريدُ أن أتزوج ابنتك دون تصريحٍ واضحٍ باسمها، أو بما يصف تلك الفتاة بشكلٍ واضح؛ لما قد يسببه ذلك من لبس في هوية الزوج أو الزوجة.


2. رضا الزوجين

الأصل في الزواج هو قبول الطرفين، وما سوى ذلك يتنافى مع الفائدة التي يحققها الزواج، وعليه لا يصح عقدُ النكاح بالإكراه، أو دون صيغة قبولٍ حقيقيةٍ من الزّوجين.


3. وجود ولي للمرأة

فلا يصح عقد الزّواج دون وليّ أمرٍ للمرأة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأةٍ نَكَحتْ بغيرِ إذنِ وليها فنكاحُها باطلٌ باطلٌ"،[٤] وقد يكون ولي الزوجة أباها إذا كان على قيد الحياة أو أخاها أو أحد محارمها الأقرب فالأقرب.


4. وجود شهود على العقد

إذ يشترط لصحة عقد الزّواج وجود الشهود، ولا يصح العقد دون وجود شاهدين اثنين أو بوجودِ شاهدٍ واحدٍ، إذ يكون العقد باطلًا في تلك الحالة.


5. عدم وجود ما يمنع الزواج

توجد الكثير من الحالات التي يمنع فيها زواج الرجل بالمرأة، سواء أكان هذا المنه دائمًا أم مؤقتًا، وفيما يأتي توضيح لذلك:

  • الأخوة بالرضاعة، فلا يصحّ للرّجل أن يتزوّج أخته بالرّضاعة.
  • اعتناق الرجل لغير دين الإسلام، فلا يجوز للمرأة المسلمةِ أن تنكح لغير مسلم، قال الله تعالى: "وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ".[٥]
  • تزوج الرّجل امرأةً في عدّتها، سواء أكانت عدّة طلاق، أم عدّة وفاة لزوجٍ سابقٍ، فلا تصحُّ المناكحة للمرأة وهي في عدّة لها، فالمشروعيّة من عدّة المرأة عدم زواجها في تلك الفترة أصلًا.



المراجع

  1. سورة الروم، آية:21
  2. مجموعة من المؤلفين ، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 80-81. بتصرّف.
  3. "شروط النّكاح "، طريق الإسلام ، 9/2/2014، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2021. بتصرّف.
  4. رواه الشوكاني، في السيل الجرار، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:258، صحيح.
  5. سورة البقرة، آية:221