إنَّ الوقف من أهمِّ ما أوجدته الشّريعة الإسلاميّة؛ ففيه منافعُ كثيرةٌ، وحكمٌ عظيمةٌ مترتبة عليه، فهو رافدٌ اقتصاديٌّ هامٌ للأمّة الإسلامية، إذ إن النّفع فيه يكون دائمًا إذا ما كان الوقف مستمرًّا؛ لهذا فقد اهتمّ المسلمون بالوقف لما فيه من خيرٍ دائمٍ، كما ذُكر في حديث الرَّسول عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم:"إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له"،[١] وقد كانت للوقف مكانةٌ كبيرة في حياة الصحابة، فلا نكاد نجد صحابيًّا ميسور الحال إلا وكان له وقف لله عز وجل، كما كان للوقف انتشار بين المسلمين على عمومهم، بين الغني وميسورٍ للحال وبأشكالٍ متنوّعة؛ منهم من وقف أرضه أو عقاره، ومنهم من وقف كتابًا أو مصحفًا أو علمًا ينتفع به، وصدق الله في قوله في كتابه الجليل: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ".[٢]


شروط بيع الوقف

إنَّ الأصل في الوقف هي المنفعة، فالوقف يكون في رهنِ الموقوف كلِّه وما يأتي به من منافع للمسلمين جميعًا أو لجزءٍ منهم، والحكم في بيعه حرام؛ ولكن إذا ما اختلفت منفعةُ الوقف، أو تبدَّلت حاله، أو اختلفَ عليه الزمان فأصبح دون منفعةٍ؛ كأن يَهرمَ، أو يخرب، أو يُهدم، أو لم يعد للنَّاس به منفعة، فيجوز على الواقف، أو من عُيِّن للتّصرف بالوقف أن يبيع هذا الوقف، بشرط أن يشتري الواقف بثمنِ بيعه منفعة بمثل منفعة الوقف الذي بيع، أو بشيء على شاكلة المنفعة الأصلية إن وجد، ولا يمكنه أن يبيع الوقف، وأن يتصرَّف بالمال إلا بموافقة القاضي، وأن يتابع القاضي تفاصيل البيع وأن يُقِرَّ له ذلك.[٣][٤]


حكم بيع الوقف

يعدُّ بيع الوقف محرمًا بإجماع أهل العلم، فلا يجوز بيع الوقف أو التَّصرف به، سواء أكان من تصرَّفَ به الواقف نفسه، أو من تعيَّن عليه التَّصرف بالوقف؛ فالوقف في أصله يَخرُجُ من ملكية الواقف، ويصبح كلّه للانتفاع به بحسب ما وُقِف لأجله، وبعد ذلك يصبح التَّصرف به غير جائز شرعًا؛ ولكن في بعض المواقف يترتَّب على الوقف أمورٌ تجعلُ في بيعه منفعةٌ أكبر، ويكون في بقائه عدمُ منفعةٍ أو مضرةٍ، فالوقف في أصله منفعةٌ عُيِّنت لنفع المسلمين أو جزءٍ منهم.[٥]

أنواع الوقف

للوقف أنواع مختلفة، لا بدَّ من بيانها ومعرفتها:[٦]

  • الوقف الخيريّ: وتكونُ منفعته عامَّة لجهةٍ خيريةٍ.
  • الوقف المشترك: وهو وقفٌ على الأقارب وأعمال الخير معًا؛ ويحتمل تقديم أي منهما على الآخر، كأن يخصص الوقف لوجوه الخير لمدة محددة ثم ينقل منفعة الوقف لذريته أو العكس، أو يوزع المنفعة على الجهتين.
  • الوقف الذري: وهو الذي تكون فيه المنفعة مخصصة للذرية والأقارب، ويصبح هذا الوقف خيريًّا إذا مات الموقوف عليهم، فيؤول لجهةٍ خيريةٍ.


المراجع

  1. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبوهريرة ، الصفحة أو الرقم:1631، صحيح.
  2. سورة الزلزلة ، آية:7
  3. عبدالله آل خنين (7/5/2017)، "مشروعية الوقف وخطورة الاعتداء عليه وبيان بعض أحكامه "، الألوكة الشرعية ، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2021. بتصرّف.
  4. "حكم بيع الوقف إذا تعطلت منافعه"، ابن باز. بتصرّف.
  5. "لا يجوز بيع الوقف ولا شراؤه "، الإسلام سؤال وجواب ، 26/6/2015، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2021. بتصرّف.
  6. "أقسام الوقف وكيفية العمل به"، الألوكة. بتصرّف.