الزواج خطوة مهمة في حياة الإنسان شرعه الله عز وجل، وأحله لنا، وطوى فيه الكثير من معاني الحب والسكينة التي لا يجدها الإنسان في غيره من العلاقات، لذلك فالزواج هو كمال للزوجين وتلبية لحاجتهما العاطفية والجسدية، إلى جانب تحقيق حاجتهما إلى الاستقرار وبدء حياة جديدة فيما بينهما في ظل المودة والرحمة التي تجمع هذه العلاقة، كما قال الله عز وجل: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"،[١] ومسألة اختيار الرجل لزوجته، أو موافقة المرأة على عقد النكاح، لا تقل أهمية عن غيرها من المراحل الأخرى اللاحقة في بناء الأسرة، لذلك أحلت الشريعة الإسلامية للرجل النظرة الشرعية للزوجة في ظل ضوابط الاختلاط التي وضعتها الشريعة الإسلامية على المجتمع؛ وذلك ليتأكد الرجل من قراره بشأن اختيار شريكة حياته التي سيكمل معها مسيرة حياته، ويبني معها أسرته، فما هي ضوابط النظرة الشرعية؟ وما شروط اللباس فيها؟ سنجيل عن ذلك في هذا المقال.


شروط اللباس في النظرة الشرعية

اتفق العلماء على جواز النظرة الشرعية للخاطب المقدم على الزواج، لينظر إلى التي يريد نكاحها، كونه أحد أسباب الأُلفة والمودة فيما بينهما، ومشروعية ذلك من السنة النبوية ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدُكم المرأةَ، فإنِ استطاعَ أنْ ينظرَ منها إلى ما يدعوه إلى نكاحِها فلْيفعلْ"،[٢] أما مسألة اللباس فلا تختلف عن الضوابط الشرعية التي فرضت على المرأة عند خروجها من بيتها، وهو اللباس الفضفاض الساتر لها، وقد أجاز العلماء للمرأة أن تستخدم مستحضرات التجميل في النظرة الشرعية شريطة ألا تبالغ في ذلك فتختفي معالم الوجه الحقيقية،[٣] وقد أجمع جمهور العلماء على ألا يظهر من لباس المرأة سوى وجهها وكفيها؛ لأن الغاية من النظرة الشرعية هي استدلال الرجل على جمالها وصحتها، ويستطيع تبين ذلك من خلال الوجه فيتبين له جمالها فالوجه هو مركز جمال الإنسان، ومن خلال الكفين يتبين له صحة بدنها، وقد أجاز بعض الحنفية النظر إلى الرقبة كذلك.[٤]


شروط النظرة الشرعية

للنظرة الشرعية عدة شروط وضوابط في غير اللباس، وفيما يأتي بيان لها:[٥]

  1. ألا يحدث اختلاء بين الرجل الخاطب والمرأة المراد خطبتها؛ لأن ذلك تجاوز لضوابط الاختلاط في الشريعة الإسلامية، فوجود شخص آخر مثل ولي المرأة يدرأ الشبهات ووساوس الشيطان.
  2. أن يكون النظر بلا شهوة، فالنظرة غايتها الاستعلام فقط، ولأنها لا تحل له بعد حتى يعقد عليها.
  3. أن يغلب من خلال النظرة الشرعية الإجابة فيما يخص زواجهما، فيجزم من خلال ذلك قراره حول نكاحهما.
  4. أن يكون النظر إلى الظاهر فقط وهو الوجه والكفان، وقيل القدمان أيضًا عند الحنفية، أما الحنابلة فزادوا على ذلك الرقبة مع الرأس والقدمين.
  5. أن يكون عازمًا على الخطبة، أما الذي يذهب بين النساء لغاية أخرى وينظر إليهن بغير قصد الزواج فهذا محرم شرعًا، وفيه مخالفة واضحة للهدف من النظرة الشرعية.


المراجع

  1. سورة الروم ، آية:21
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع ، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم:506، حسن.
  3. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 9، جزء 11. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 50، جزء 12. بتصرّف.
  5. "ما يباح نظره من المخطوبة "، الإسلام سؤال وجواب. بتصرّف.