نظّمت الشريعة الإسلاميّة أحكام الميراث، وجاءت النصوص موضِّحةً للأفراد المستحقّين للإرث، ونصيب كلّ واحدٍ منهم، وفيما يلي شرحٌ ملخَّصٌ عن فقه الميراث.


تعريف الميراث

الميراث في اللغة

الميراث مفردٌ جمعه مواريث، والميراث: ما يُورَّث، ويُطلق على تَرِكة الميِّت.[١]


الميراث في الاصطلاح

يعرف الميراث بأنّه انتقال شيءٍ ما من شخصٍ إلى شخصٍ آخر سواءً أكان هذا الشيء معنويًّا أم حسيًّا، والمراد هنا من الميراث، انتقال المال من ملكيّة الشخص الميّت إلى ملكيّة شخصٍ آخر يرتبط بالميّت بنسبٍ أو رحم ويسمّى وارثًا.[٢]


أركان الميراث

إنّ للميراث أركانًا ثلاثةً؛ هي المورِّث، والوراث، والموروث، وفي ما يلي بيانٌ لهذه الأركان:[٣]

  1. المورِّث: الشخص الذي فارق الحياة، سواءً كان ذلك بفراقٍ حقيقيٍّ أم حكميٍّ؛ مثل فقدان الشخص وتعذر العثور عليه.
  2. الوارث: الأشخاص الذين تربطهم علاقةٌ مع المتوفّى، وهذه العلاقة تعدّ سببًا من أسباب الحصول على الإرث.
  3. الموروث: المال والملك الذي تركه المتوفّى، ويشمل جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة، ولا تشمل الأموال التي وضعت عند المتوفى بل تعدّ أماناتٍ تردّ لأصحابها، ولا يتمّ توزيعها على الورثة؛ لأنّها ليست من ضمن المال المملوك للمتوفى.


أسباب الميراث

حصر الفقهاء الأسباب التي تُمكن الإنسان من حصوله على الإرث من الإنسان الآخر بعد موته في ثلاثة أسبابٍ رئيسةٍ، إن وجد أحدها؛ استحقّ بها الوارث الورثة من المورِّث، وهذه الأسباب الثلاثة هي: القرابة، والزوجيّة، والولاء، وفيما يلي تفصيلٌ لها.[٤]


القرابة

تعدّ القرابة سببًا مهم من الأسباب التي تؤدّي إلى الحصول على الإرث، والمقصود بالقرابة هنا القرابة الحقيقيّة التي نشأت بسبب الولادة؛ أي النسب، وتشتمل القرابة على أصول المتوفّى وفروعه، وفروع أصوله، وأطلق الحنفيّة على مصطلح القرابة مصطلحًا آخر هو الرحم، فيحقّ لكلٍّ من الأولاد وأبناء الأولاد الذكور والإناث من الحصول على الإرث وكذلك الآباء وآباؤهم وأمهاتهم، ويضمّ معهم الإخوة والأخوات والأعمام وأبناؤهم الذكور فقط دون الإناث.[٤]


الزوجيّة

ينشأ هذا السبب من وجود عقد زواجٍ بين رجلٍ وامرأةٍ، إذ إنّ هذا العقد لا يتضمّن أيّ سببٍ قد يفسد صحّته؛ فيؤدّي به إلى البطلان أو الفساد، وفي هذه الحالة يستطيع أن يرث الزوج الزوجة، وكذلك أن ترث الزوجة زوجها، حتّى وإن لم يصاحب عقد الزواج الدخول بالزوجة، ومن الأحوال التي يمكن للزوجة فيها الحصول على الإرث من زوجها ما يلي:[٤]

  • يحقّ للزوجة الحصول على الميراث من زوجها إذا كانت مطلَّقةً طلاقًا رجعيًّا وما زالت في العدّة.
  • لا يحقّ للزوجة الحصول على الميراث إذا كانت مطلَّقةً طلاقًا بائنًا وإن كانت خلال فترة العدة، ويحقّ للمرأة الحصول على الإرث في هذه الحالة إذا كانت سبب طلاقها هو حرمانه من الحصول على الإرث.
  • لا يحقّ للزوجة الحصول على الميراث إذا شاب عقد الزواج شائبةٌ؛ مثل افتقاده لركنٍ من أركان النكاح.
  • لا يحقّ للزوجة الحصول على الميراث إذا كان عقد الزواج من العقود الباطلة، مثل نكاح المتعة.


الولاء

الولاء هو العلاقة التي رتّبها الله -سبحانه وتعالى- بين السيد وعبده بعد عتقه، وتسمّى قرابةً حكميَّةً، وفي هذه الحال يحصل السيد على مال عبده المعتق في حال وفاته إن لم يكن هناك من يرث هذا العبد؛ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الولاءُ لُحمةٌ كلُحمةِ النَّسَبِ لا يُباعُ ولا يُوهَبُ".[٥][٤]


موانع الإرث

ثمّة أسبابٌ التي تمنع استحقاق الميراث تناولها الفقهاء وفيما يلي توضيحٌ لهذه الأسباب.


القتل

لا يرث القاتل المقتول وهذا مانعٌ تناوله الفقهاء، مستدلّين بقول النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم: "ليس للقاتلِ شيءٌ، وإن لمْ يكن لهُ وارثٌ، فوارثهُ أقربُ الناسِ إليه، ولا يرثُ القاتلُ شيئًا"،[٦] على خلافٍ بين العلماء في اعتبار القتل الخطأ.[٧]


اختلاف الدين

المقصود باختلاف الدين، أن يكون دين المورِّث غير دين الوارث، فلا يرث الكافر من مسلم ولا يرث المسلم من كافر وما دلنا على ذلك قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ".[٨][٧]


الردّة

تطلق الردّة على كلّ إنسانٍ كان يعتنق دين الإسلام ثمّ تركه واعتنق دينًا آخر، واختلف الفقهاء في توريث المرتد لغيره أو الحصول على إرثٍ من غيره، فبعض الفقهاء قالوا بأنّ المرتدّ يرث ويورث والبعض الآخر ذهب إلى عدم ذلك باعتبار المرتد أصبح كافرًا، والكافر في الإسلام لا يرث ولا يورث؛ استنادًا لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المذكور سابقًا.[٧]


شروط الإرث

يتحقّق الإرث بحصول ثلاثة أمورٍ، آتيًا ذكرها:[٩]

  1. موت المورِّث موتًا حقيقيًّا، أو موتًا حكميًا؛ وذلك من خلال غياب الشخص فترةً طويلةً وتعذّر العثور عليه.
  2. التأكّد والتحقّق من أنّ الشخص الوارث للمتوفّى على قيد الحياة، وأنّه لم يفارق الحياة قبل مورِّثه.

3. عدم وجود أي مانعٍ من موانع الإرث التي ذكرت سابقًا.


المراجع

  1. "تعريف و معنى ميراث في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021.
  2. نبيل السمالوطي، كتاب بناء المجتمع الإسلامي، صفحة 228. بتصرّف.
  3. سيد سابق، السنة/أركان الميراث:/i603&d938466&c&p1 فقه السنة، صفحة 219. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7004-7005. بتصرّف.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان ، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4950، أخرجه في صحيحه .
  6. رواه الألباني ، في صحيح أبي داود ، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:4564، خلاصة حكم المحدث حسن.
  7. ^ أ ب ت "موانع الإرث"، إسلام ويب. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم:1614، صحيح.
  9. " شروط الإرث "، إسلام ويب، 1/6/2009، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2021. بتصرّف.