إن الباحث في حقوق المسلم وواجباته لا بد وأن يمر بحقوق الجار، وكيف لا تكون له حقوق على جاره وهو ملاصق له في السكن، وأقرب إليه من أهله وذويه، ويبدو ذلك جليًّا في حديثه صلى الله عليه وسلم: "ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ" [١]، وفي ذلك دليل على اهتمام الإسلام الشديد بالجار وحقوقه، وفي الحقيقة إن السبب الرئيسي لوجود حقوق للجار على جاره هو ملاصقته له في السكن وما يحتمله منه من إزعاج أحيانًا وما يحفظ له من أسرار قد تتفشى بحكم قرب السكن، والأصل في علاقة الجار مع جاره أن تكون مبنية على الود والتراحم والتسامح حتى يكون المجتمع متكافلًا وبعيدًا عن المشاحنة والبغضاء. [٢]


1. رد السلام وإجابة الدعوة

ويعد هذان الحقان من الحقوق العامة للجار، والتي يجب أداؤها لكل مسلم، فقد جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم: "حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ" [٣]، ونركز في هذه النقطة على رد السلام وإجابة الدعوة لأنها الحالات الأكثر تكرارًا وحدوثًا بين الجيران، ومن سوء الأدب أن يمر الجار من أمام جاره دون أن يسلم عليه، أو أن يدعوه جاره إلى مناسبة أو وليمة ولا يستجيب له. [٤]


2. كف الأذى

وإن كف الأذى من الحقوق الأساسية للجار على جاره، فلا يمكن لعلاقة الجيران أن تكون جيدة دون كف الأذى، ويشمل الأذى الصوت المرتفع والإزعاج، أو إفشاء الأسرار، بالإضافة إلى كل ما يكرهه الجار من جاره، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من أذية الجار في قوله: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ" [٥]، وقرن صلى الله عليه وسلم أذية الجار بعدم دخول الجنة في الحديث، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن أذية الجار فعل سيئ جدًّا ومن الضروري الحرص على تجنبه. [٤]


3. احتمال الأذى

فلا تخلو الجيرة من التسبب بالأذى، سواء أكان بالصوت المرتفع في المناسبات أو الخلافات العائلية وغيرها، ومن حق الجار على جاره أن يحتمل ظرفه الذي قد يجعله متسببًا بالأذى دون قصد منه، خصوصًا وأن البيوت في يومنا هذا تكون ملاصقة لبعضها في عمارة واحدة، وهذا أدعى للأذى، ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نذكر قول أحمد بن حنبل: "العافية عشرة أجزاء، كلها في التغافل"، ومعنى ذلك أن تجنب أذى الجار لا يكون إلا بتجاهله والتغاضي عنه. [٦][٧]


4. إكرام الجار والإحسان إليه

وهذا من أعلى مراتب إعطاء الجار حقه، وتدخل في هذه المرتبة الكثير من الحقوق؛ أولها كل الحقوق التي تجب على المسلم لأخيه، ويكون الجار أولى به لقربه ومكانته، وتشمل تلك الحقوق التودد إليه، والابتسام في وجهه، وزيارته إذا مرض، والسير في جنازته إذا مات، والوقوف في صفه إذا كان مظلومًا، ونصحه إذا كان ظالمًا، ومواساته في المصائب، ومشاركته الفرح إذا كان مسرورًا، وفعل كل ما يدخل السرور إلى قلبه. [٦]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6015.
  2. "حقوق الجار"، صيد الفوائد. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1240.
  4. ^ أ ب "الإحسان إلى الجار"، إسلام ويب. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:46.
  6. ^ أ ب "حقوق الجار في الشريعة الإسلامية"، طريق الإسلام. بتصرّف.
  7. "آداب الجوار"، موقع الشيخ محمد صالح المنجد. بتصرّف.