تعريف البيع بالتقسيط

بيع التقسيط هو بيع السلعة بثمن مؤجل أعلى من الثمن الحال إلى أجل محدّد، حيث يُقسّط الثمن أقساطاً متعددة، ويُدفع في أزمنة محددة معلومة، فيكون كل قسط له أجل معلوم يدفعه المشتري، وبيع التقسيط صورة من صور بيوع النسيئة؛ أي البيوع الآجال، فبيع النسيئة مؤجلٌ لأجلٍ واحدٍ، وبيع التقسيط مؤجلٌ لآجالٍ متعددةٍ،[١][٢]


وصورة هذا البيع أن يقصد المشتري إلى البائع بقصد شراء حاجة ما فيخيره صاحب السلعة بثمنها إذا أراد أن يدفعه حالًّا وثمنها إذا أراد دفعه مجزءاً، وهو بطبيعة الحال أعلى من الثمن الحالّ، بمعنى أن البائع يزيد في ثمن السلعة مقابل تأجيل دفع الثمن،[٣] كأن يكون عند البائع بيت قيمته نقداً أربعون ألف دينار، ومؤجله ستون ألف دينار، فيتفق المشتري مع البائع أن يسدد المبلغ على اثني عشر قسطاً، يدفع في كل نهاية كل شهر خمسة آلاف دينار. [٤]


حكم البيع بالتقسيط

ذهب جماهير العلماء سلفاً وخلفاً على أن صورة بيع التقسيط حلال وجائزة،[٥] ولا شيء فيها، ولا مانع منها، وهو ما أفتى به مجمع الفقه الإسلامي، فالبيع لا يتم إلا بصورتين؛ إما حالاً أو آجلاً،[٦] وقد استدل الفقهاء على جواز بيع بالتقسيط مع زيادة السعر، عموم قوله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)،[٧] وهو بيع ليس فيه ربا ولا غرر ما دام العاقدان قد بتَّا البيع، وقوله أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ).[٨][٩]


واستدلوا في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ والنَّاسُ يُسْلِفُونَ في الثَّمَرِ العَامَ والعَامَيْنِ -أوْ قالَ: عَامَيْنِ أوْ ثَلَاثَةً، شَكَّ إسْمَاعِيلُ- فَقالَ: مَن سَلَّفَ في تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ، ووَزْنٍ مَعْلُومٍ)،[١٠] فكانوا يبيعون الثمر مؤجلاً إلى عام أو عامين أو ثلاثة بثمن معجل مقبوض، فأقرّهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك وضبطه بشروط معينة، وما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِن يَهُودِيٍّ إلى أجَلٍ، ورَهَنَهُ دِرْعًا مِن حَدِيدٍ).[١١]


وقالوا أن البيع بالتقسيط فيه توسعة على الناس؛ فالبائع يزيد مبيعاته، ويعدّد من أساليبه في تسويق بضاعته، فيبيع نقداً وتقسيطاً، ويستفيد في حال التقسيط من زيادة الثمن مقابل الأجل، والمشتري يستطيع الحصول على السلعة دون أن يكون لديه الثمن حالاً بل يسدّد ثمنها على أقساط، فالبيع بهذه الطريقة فيه فائدة لكلٍ من البائع والمشتري.[٩]


شروط صحة البيع بالتقسيط

يشترط لصحة البيع بالتقسيط مجموعة من الشروط، من أهمها:[١٢]

  • أن يكون البائع مالكا للسلعة؛ بحيث تكون بحوزته وتحت تصرفه عند العقد.
  • أن يكون الأجل معلوماً، فيجب بيان عدد الأقساط ووقت أداء كل قسط ومدة التقسيط.
  • أن تكون السلعة المبيعة حالة لا مؤجلة؛ أي تستلم حالاً؛ لأن المبيع إذا أجّل مع تأجيل الثمن يصبح بيعاً منهياً عنه.
  • أن يكون بيع التقسيط منجزاً، فلا يصح تعليق عقد البيع على أداء جميع الأقساط، فيجب أن يتم البيع بصورة منجزة تترتب آثاره فور صدوره.
  • عدم إلزام المشتري عند العقد أو بعد ذلك بدفع مال زائد على ما اتفقا عليه، إذا تأخر في دفع الأقساط، لأن دذلك يدخل في الربا.[١٣]
  • عدم مماطلة المشتري في دفع الأقساط.[١٣]



مواضيع أخرى:

أنواع البيوع

المرابحة


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 408. بتصرّف.
  2. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 320. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 132. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 219. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 5199. بتصرّف.
  6. حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 15. بتصرّف.
  7. سورة البقرة، آية:275
  8. سورة البقرة، آية:282
  9. ^ أ ب حسام الدين عفانة، فقه التاجر المسلم، صفحة 98. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2239، صحيح.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2386، صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين، نتائج البحوث وخواتيم الكتب، صفحة 212. بتصرّف.
  13. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 220. بتصرّف.