حث الإسلام على مكارم الأخلاق وعلى التحلي بالأخلاق الحميدة كالأمانة والمروءة وغيرها من الصفات الحسنة، ومقابل هذا فقد حذر الإسلام من الصفات القبيحة التي تبعد الفرد المسلم والمجتمعات الإسلامية عن الخير وتقربها من الشر، ومن أكثر هذه الصفات انتشارًا في وقتنا الحاضر الغش وهو عكس الأمانة، وفي مقالنا هذا سنتعرف على الغش وحكمه والآثار المترتبة عليه، بالإضافة إلى بعض من صور الغش المنتشرة في عصرنا هذا.


معنى الغش

يمكن تعريف الغش بأنه خداع الناس،[١]وللغش أكثر من معنى في الاصطلاح، ولكن أهمها هو إخفاء حقيقة الأمر، والغش في البيع هو كتم كل ما يمكن للمشتري أن يكره وجوده في السلعة التي يريد شراءها، ويطلق الغش على كل ما يخلط من السيّئ بالجيد.[٢]


آثار الغش

غالبًا ما يكون الشخص الذي يغش بعيدًا جدًّا عن الله سبحانه وتعالى وعن الناس، كما أن الشخص الغشاش غالبًا ما يتصف بقلة الهمة وضعف العزيمة، وكذلك يؤثر الغش على إيمان الشخص الذي يعتاد عليه، إذ يصبح إيمانه ضعيفًا جدًّا؛ فالشخص الغشاش متهاون بنظر الله سبحانه وتعالى إليه ومراقبته له، وقد عد بعض العلماء الغش كبيرة من الكبائر، لذلك فإن الشخص الغشاش مرتكب لإحدى الكبائر، ومن الضروري أن نشير في حديثنا عن آثار الغش إلى أن الله سبحانه وتعالى يمحق البركة في مال الغشاش وحياته، فالغش هو الطريق الذي يوصل مرتكبه إلى النار ويبعده عن طريق الجنة؛ لأن الغش فيه أكل لأموال الناس بغير حق، مما يؤدي إلى حدوث النزاعات والتفرقة بين المسلمين، كما أن الغش يشتمل بالضرورة على خيانة الأمانة التي كلف الله سبحانه وتعالى الإنسان بحفظها وحمايتها وحملها، وإن الغش سبب بعدم استجابة الله سبحانه وتعالى للدعاء، وهو ينشئ أجيالًا فاشلة غير قادرة على تحمل أي مسؤوليات، مما يؤدي في النهاية إلى ضعف الثقة بين أفراد المجتمع.[٣]


حُكم الغش

دون أدنى شك فإن الغش محرم، كما أن بعض العلماء صنفوا الغش على أنه من الكبائر، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أن الغش حرام في الأمور كلها من بيوع أو صناعات، وقد نبه إلى أنه لا ينبغي لأحد التهاون في عمله، بل ينبغي تحري الإحسان في تأدية الأعمال كلها بمختلف مجالاتها، مع الحرص على توضيح العيب في العمل أو السلعة في حال وجوده وذلك لتبرئة النفس من الغش.[٤]


أنواع الغش وصوره

للغش كثير من الأنواع والصور، وفيما يلي ذكر لبعض منها:[٥]


1. الغش في المعاملات المالية

وهذا يتمثل بحصول الشخص على المال ولكن بطريقة محرمة مثل الكذب، أو كتمان عيب أو خلل في السلعة المراد بيعها وعدم إخبار المشتري به، كما أن بعض التجار يغشون في تواريخ الإنتاج، وبعض التجار يضعون السلع غير الصالحة أسفل الصندوق أو الكيس كي لا يراها المشتري، وغيرها من أشكال الغش، ومن الضروري التذكير هنا بأن الله سبحانه وتعالى توعد من يغش بالعقاب الشديد.


2. الغش في العمل

إن الكثير من العمال والموظفين يغشون في وظيفتهم وعملهم، وهؤلاء الموظفون لا يتقون الله بوظيفتهم، فهم يلجؤون إلى الخداع ويضيعون الوقت ويماطلون في إنجاز المهام الموكلة إليهم، ومنهم من لا يتقن عمله، ومنهم من لا ينجزه في الوقت المحدد، وهذا كله يعد خيانة للأمانة، وفيه تضييع لحقوق الغير، ومن أشكال الغش الشائعة في العمل أن بعض موظفين يطلبون من الزملاء توقيع الحضور بدلًا منهم، وهم متغيبون أو متأخرون عن العمل، وبالتالي فإنهم يحصلون على رواتبهم في نهاية الشهر وهو مشوب بنوع من الحرام المتمثل بالغش وعدم الأمانة، ويعتقدون بذلك أنهم أذكياء، ولكن في النهاية هم الخاسرون لرضا الله.


3. الغش في النصيحة

ويتمثل ذلك بعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا نوع شائع من أنواع الغش، إذ إن عدم توجيه المسلم إلى ما ينفعه يعد غشًّا، فمن يقدر على نصح أخيه فلينصحه، وإذا لم ينصحه فقد غشه، وقد قال رسول صلى الله عليه وسلم في ذلك: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ".[٦]


4. الغش في الامتحانات الدراسية

يعد الغش في الامتحانات من أخطر الأمور التربوية، إذ إنه من المؤسف أن يربى جيل على الغش في مدرسته منذ طفولته، فالإنسان بهذا يحصل منذ بداية حياته على شهادة لا يستحقها، ونتيجةً لهذا يخرج المجتمع بجيل فاشل غشاش جاهل منحرف همته قليلة؛ لأنه لم يعتمد على نفسه في بذل الجهد للحصول على شهادته، وبناءً على أخذ هذه الشهادة فإن البعض قد يتولى قيادة ومناصب غير مؤهل لها فعليًّا، وبذلك تتضرر الأمة، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر بقوله: "إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ".[٧]


المراجع

  1. "تعريف و معنى غش في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني .
  2. " معنى الغش لغةً واصطلاحًا"، الدرر السنية . بتصرّف.
  3. " آثار الغش"، الدرر السنية. بتصرّف.
  4. " حُكم الغش"، الدرر السنية . بتصرّف.
  5. " الغِش حقيقته، ومخاطره، وأنواعه، وسبل الوقاية منه"، الألوكة. بتصرّف.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن تميم الداري، الصفحة أو الرقم:55.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6496.