تعد العقيقة من السنن التي حثنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم، إذ إن العقيقة تمثل الحمد والشكر لله تعالى على رزقه للمولود، فالعقيقة هي ما يذبح للمولود عند ولادته من بهائم وأنعام، كما أن للعقيقة دورًا كبيرًا وأثرًا عظيمًا ينعكس على المجتمعات؛ إذ إن لها دورًا في مساعدة الفقراء والمساكين، وذلك يكون بذبح الأب للعقيقة عن ابنه ثم توزيعها على الفقراء والمساكين، وفي مقالنا هذا سنتعرف على معنى العقيقة، والحكمة من الحث عليها، بالإضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بها.


تعريف العقيقة

العقيقة في اللغة مأخوذة من الفعل عقّ الذي يدل على القطع والشق، العقيقة في الاصطلاح هي ما يذبح للمولود من بهائم عند ولادته، ويقال أيضًا أنه ما يصنع من طعام ويدعى الناس لتناوله من أجل المولود.[١]


الحكمة من مشروعية العقيقة

لا بد وأن سن العقيقة لا يأتي إلا بالخير، كيف لا وقد دعا رسولنا الكريم إلى الالتزام بهذه السنة، لذلك سنعرض فيما يأتي أهم النقاط التي توضح الحكمة من مشروعية العقيقة:[٢]

  1. تترتب على العقيقة مصالح كثيرة متعلقة بالأمور المالية والنفسية والمدنية، وهذا يجعلنا ندرك السبب وراء حث النبي صلى الله عليه وسلم على الالتزام بها؛ فمن خلال العقيقة يعرف الناس نسب المولود، كما أن العقيقة تؤكد أن المولود متبع لملة أبينا إبراهيم؛ إذ إن فعل الذبح هو اقتداء به عليه السلام.
  2. ترمز العقيقة إلى شكر الله سبحانه وتعالى على نعمته برزقه الابن للوالدين، إذ إن هذه النعمة من أفضل النعم التي أنعم الله تعالى بها على الإنسان، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا"،[٣] فالعقيقة هي نوع من أنوع شكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة الكريمة.
  3. تتضمن العقيقة معنى الفداء للمولود مثلما فدى الله سيدنا إسماعيل عليه السلام بذبح الكبش، وقد كان أهل الجاهلية يذبحون العقيقة، لكنهم كانوا يلطخون رأس المولود بدم العقيقة، فجاء الإسلام مقرًّا للعقيقة ناهيًا عن تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة.
  4. تعد العقيقة إعلانًا وإشهارًا بأن الرجل هذا قد رزق بمولود، ومن خلالها يظهر للأقارب والأهل والجيران أنه رزق بمولود، وعليه فإنهم يؤدون دورهم بالتهنئة والتبريك والمساعدة إذا لزم الأمر.
  5. تساهم العقيقة في تعزيز معنى التكافل الاجتماعي، ويظهر هذا من خلال توزيع العقيقة على الفقراء والمساكين.


أحكام العقيقة

للعقيقة العديد من الأحكام التي يمكن تلخيصها فيما يلي:[٤]

  1. العقيقة ليست واجبة بل هي سنة، وما دل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مع الغُلامِ عَقيقَتُهُ، فأهريقوا عنه دَمًا، وأميطوا عنه الأذى".[٥]
  2. الاستدانة للعقيقة جائزة ما دام الأب قادرًا على الوفاء بدينها، إذ إن المشروع هو أن يعق الأب عن ابنه، ويجوز للولد أن يعق عن نفسه إذا لم يعق عنه أبوه.
  3. مقدار ما يضحى عن الولد شاتان بالصفات نفسها والسن والحجم نفسه، أما البنت فيعق عنها بشاة واحدة، وما دل على ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ قالت: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرهم عن الغلامِ شاتانِ مُكافَئَتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ"،[٦] وقد اتفق جمهور العلماء على جواز العقيقة بشاة واحدة عن الولد أو البنت، وفي حال الرغبة بذبح اثنتين عن الولد لا بأس في ذلك.
  4. الحرص على أن تكون العقيقة خالية من أي خلل أو عيب.
  5. السنة هي ذبح العقيقة في اليوم السابع من ولادة المولود، وفي حال عدم ذبحها في اليوم السابع يجوز ذبحها في أي وقت لقضائها.
  6. حكم تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة هو الكراهة.
  7. التعامل مع لحم العقيقة يكون إما بتوزيعه وإما عمل وليمة ودعوة الناس إليها ويستحب الجمع بين الأكل والإطعام منها وتوزيعها.
  8. بيع جلد الأضحية أو التصدق به جائز.
  9. الجمع بين الأضحية والعقيقة يمكن أن يجزئ في حال موافقة يوم النحر لليوم السابع لولادة المولود.


وقت ذبح العقيقة

يكون ذبح العقيقة في اليوم السابع أو اليوم الرابع عشر أو اليوم الحادي والعشرين من يوم ولادة المولود، فإن لم يتيسر الذبح في أحد هذه الأيام يجوز الذبح في أي وقت لاحق.[٧]


مسائل في العقيقة

فيما يأتي توضيح لبعض المسائل التي تتعلق بالعقيقة:[٨]

  1. يذبح في العقيقة كل ما يعد من البهائم مثل الشاة والبقرة والجمل، ولا تجوز العقيقة بذبح الفرس؛ لأنها لا تعد من الأنعام التي يمكن فيها العقيقة، وما دل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ".[٩]
  2. يختلف عمر العقيقة بحسب نوعها؛ فالإبل يُعق بها في عمر خمس سنوات، والبقر بعمر سنتين، بينما التيس والماعز يمكن ذبحهما بعمر سنة، والضأن والشاة بعمر ستة أشهر.
  3. يفضل أن تكون العقيقة شاة؛ لأن الشاة هي ما وردت في السنة النبوية الشريفة.


المراجع

  1. " المبحث الأوَّل: تعريفُ العقيقةِ"، درر سنيية. بتصرّف.
  2. حسام الدين عفانة، كتاب المفصل في أحكام العقيقة، صفحة 35-38. بتصرّف.
  3. سورة الكهف، آية:46
  4. " الحقيقة في ملخص أحكام الأضحية والعقيقة"، الالوكة. بتصرّف.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن سلمان بن عامر الضبى، الصفحة أو الرقم:16234.
  6. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1513، حسن صحيح.
  7. سيد سابق، السنة/i603&n200&p1 فقه السنة، صفحة 200. بتصرّف.
  8. "مسائل يكثر السؤال عنها في أحكام العقيقة"، صيد الفوائد. بتصرّف.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1718 .